كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 7)

ثَعْلَبَةُ وَعَمْرٌو وَهُمَا خَالَا جَابِرٍ وَقَدْ شَهِدَا الْعَقَبَةَ الْأَخِيرَةَ وَأَمَّا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ فَلَيْسَ مِنْ أَخْوَالِ جَابِرٍ قُلْتُ لَكِنْ مِنْ أَقَارِبِ أُمِّهِ وَأَقَارِبُ الْأُمِّ يُسَمَّوْنَ أَخْوَالًا مَجَازًا وَقَدْ روى بن عَسَاكِرَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ حَمَلَنِي خَالِي الْحُرُّ بْنُ قَيْسٍ فِي السَّبْعِينَ رَاكِبًا الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَنْصَارِ فَخَرَجَ إِلَيْنَا مَعَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ فَقَالَ يَا عَمِّ خُذْ لِي عَلَى أَخْوَالِكَ فَسَمَّى الْأَنْصَارَ أَخْوَالَ الْعَبَّاسِ لِكَوْنِ جَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْهُمْ وَسَمَّى الْحُرَّ بْنَ قَيْسٍ خَالَهُ لِكَوْنِهِ مِنْ أَقَارِبِ أمه وَهُوَ بن عَمِّ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ فَلَعَلَّ قَوْلَ سُفْيَانَ وَأَخُوهُ عَنَى بِهِ الْحُرَّ بْنَ قَيْسٍ وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ أَخا وَهُوَ بن عَمٍّ لِأَنَّهُمَا فِي مَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي النَّسَبِ وَهَذَا أولى من توهيم مثل بن عُيَيْنَةَ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ الْحُرَّ بْنَ قَيْسٍ فِي أَصْحَابِ الْعَقَبَةِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ فَعَلَى هَذَا فَالْخَالُ الْآخَرُ لِجَابِرٍ إِمَّا ثَعْلَبَةُ وَإِمَّا عَمْرٌو وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[3891] قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ هُوَ بن يُوسُف الصنعائي وَعَطَاء هُوَ بن أَبِي رَبَاحٍ قَوْلُهُ أَنَا وَأَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ النُّقَبَاءِ قَوْلُهُ وَخَالَايَ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِمَا وَقَرَأْتُ بِخَطِّ مُغَلْطَايْ يُرِيدُ عِيسَى بْنَ عَامِرِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سِنَانٍ وَخَالِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ سِنَانٍ لِأَنَّ أُمَّ جَابِرٍ أُنَيْسَةَ بِنْتَ غَنَمَةَ بْنِ عَدِيِّ بن سِنَان يَعْنِي فَكل مِنْهُمَا بن عَمِّهَا بِمَنْزِلَةِ أَخِيهَا فَأَطْلَقَ عَلَيْهِمَا جَابِرٌ أَنَّهُمَا خَالَاهُ مَجَازًا قُلْتُ إِنْ حُمِلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ تعين كَمَا قَالَه الدمياطي والا فتغليط بن عُيَيْنَةَ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ بِأَمْرٍ فِيهِ مَجَازٌ لَيْسَ بِمُتَّجَهٍ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَان وَوَقع عَن بن التِّينِ وَخَالَيَّ بِغَيْرِ أَلْفٍ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَقَالَ لَعَلَّ الْوَاوَ وَاوُ الْمَعِيَّةِ أَيْ مَعَ خَالِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالْإِفْرَادِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي قِصَّةِ الْبَيْعَةِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ مَعَ مَبَاحِثَ نَفِيسَةٍ تَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَأَوْضَحْتُ هُنَاكَ أَنَّ بَيْعَةَ الْعَقَبَةَ إِنَّمَا كَانَتْ عَلَى الْإِيوَاءِ وَالنَّصْرِ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْكَفَّارَةِ فَتِلْكَ بَيْعَةٌ أُخْرَى وَقَعَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ ثُمَّ رَأَيْتُ بن إِسْحَاقَ جَزَمَ بِأَنَّ بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ وَقَعَتْ بِمَا صَدَّرَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ فَذَكَرَ بِسَنَدِ الْبَابِ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ كُنْتُ فِيمَنْ حَضَرَ الْعَقَبَةَ الْأُولَى فَكُنَّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فَبَايَعْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءِ أَيْ عَلَى وَفْقِ بَيْعَةِ النِّسَاءِ الَّتِي نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهَذَا مُحْتَمَلٌ لَكِنْ لَيْسَتِ الزِّيَادَةُ فِي طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنَافِي مَا قَرَّرْتُهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ فَهُوَ كَفَّارَةٌ إِنَّمَا وَرَدَ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُعَارضهُ حَدِيث أبي هُرَيْرَة ماادري الْحُدُودُ كَفَّارَةٌ لِأَهْلِهَا أَمْ لَا مَعَ تَأَخُّرِ إِسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ لَيْلَةِ الْعَقَبَةِ كَمَا اسْتَوْفَيْتُ مَبَاحِثَهُ هُنَاكَ وَمِمَّنْ ذَكَرَ صُورَةَ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ كَمَا أَسْلَفْتُهُ آنِفًا عَنْهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَعَلَى أَنْ نَنْصُرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ عَلَيْنَا يَثْرِبَ بِمَا نَمْنَعُ بِهِ أَنْفُسَنَا وَأَزْوَاجَنَا وَأَبْنَاءَنَا وَلَنَا الْجَنَّةُ فَهَذِهِ بَيْعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي بَايَعْنَاهُ عَلَيْهَا وَعِنْدَ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَصَححهُ الْحَاكِم وبن حِبَّانَ عَنْ جَابِرٍ مِثْلُهُ وَأَوَّلُهُ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْمَوَاسِمِ بِمِنًى وَغَيْرِهَا يَقُولُ مَنْ يُؤْوِينِي مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ حَتَّى بَعَثَنَا اللَّهُ لَهُ مِنْ يَثْرِبَ فَصَدَّقْنَاهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ حَتَّى قَالَ فَرَحَلَ إِلَيْهِ مِنَّا سَبْعُونَ رَجُلًا فَوَعَدْنَاهُ بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ فَقُلْنَا عَلَامَ نُبَايِعُكَ فَقَالَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ

الصفحة 222