كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 7)

رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ فَهَذَا يُمْكِنُ تَفْسِيرُهُ بِكَرْكَرَةَ بِخِلَافِ قِصَّةِ مِدْعَمٍ فَإِنَّهَا كَانَتْ بِوَادِي الْقُرَى وَمَاتَ بِسَهْمٍ عَائِرٍ وَغَلَّ شَمْلَةً وَالَّذِي أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرْكَرَةَ هَوْذَةُ بْنُ عَلِيٍّ بِخِلَافِ مِدْعَمٍ فَأَهْدَاهُ رِفَاعَةُ فَافْتَرَقَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاصَرَ أَهْلَ وَادِي الْقُرَى حَتَّى فَتَحَهَا وَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ تَيْمَاءَ فَصَالَحُوهُ وَفِي الحَدِيث قبُول الإِمَام الْهَدِيَّة فَإِن كَانَت لِأَمْرٍ يَخْتَصُّ بِهِ فِي نَفْسِهِ أَنْ لَوْ كَانَ غَيْرُ وَالٍ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِمَا أَرَادَ وَإِلَّا فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا إِلَّا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ حَدِيثُ هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ فَيَخُصُّ بِمَنْ أَخَذَهَا فَاسْتَبَدَّ بِهَا وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ رَدَّهَا عَلَى مُهْدِيهَا لَجَازَ فَلَوْ كَانَتْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ لَمَا رَدَّهَا وَفِي هَذَا الِاحْتِجَاجِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي أَوَاخِرِ الْهِبَةِ

(الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ حَدِيثُ عُمَرَ)
ذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ

[4235] قَوْلُهُ أَخْبَرْنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَيِ بن أبي كثير قَوْله أَخْبرنِي زيد هُوَ بن أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ قَوْلُهُ لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَ آخر النَّاس بَيَانا كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِمُوَحَّدَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ الثَّانِيَةُ ثَقِيلَةٌ وَبَعْدَ الْأَلِفِ نُونٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بَعْدَ أَنْ أخرجه عَن بن مهْدي قَالَ بن مَهْدِيٍّ يَعْنِي شَيْئًا وَاحِدًا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَلَا أَحْسِبُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَرَبِيَّةً وَلَمْ أَسْمَعْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ بَلْ هِيَ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ لَكِنْهَا غَيْرُ فَاشِيَةٍ فِي لُغَةِ مَعْدٍ وَقَدْ صَحَّحَهَا صَاحِبَ الْعَيْنِ وَقَالَ ضُوعِفَتْ حُرُوفُهُ وَقَالَ الْبَبَّانُ الْمُعْدَمُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ وَيُقَالُ هُمْ عَلَى بَبَّانٍ وَاحِدٍ أَيْ على طَريقَة وَاحِدَة وَقَالَ بن فَارِسٍ يُقَالُ هُمْ بَبَّانٌ وَاحِدٌ أَيْ شَيْءٌ وَاحِدٌ قَالَ الطَّبَرِيُّ الْبَبَّانُ فِي الْمُعْدِمِ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ فَالْمَعْنَى لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَهُمْ فُقَرَاءَ مُعْدَمِينَ لَا شَيْءَ لَهُمْ أَيْ مُتَسَاوِينَ فِي الْفَقْرِ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ فِيمَا تَعَقَّبَهُ عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ صَوَابُهُ بَيَانًا بِالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ بَدَلِ الْمُوَحَّدَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ شَيْئًا وَاحِدًا فَإِنَّهُمْ قَالُوا لِمَنْ لَا يُعْرَفُ هُوَ هَيَّانُ بْنُ بَيَّانٍ قُلْتُ وَقَدْ وَقَعَ مِنْ عُمَرَ ذِكْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ يُفْضِّلُ فِي الْقِسْمَةِ فَقَالَ لَئِن عِشْت لأجعلن النَّاس ببابا وَاحِدًا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَهُوَ مِمَّا يُؤَيِّدُ تَفْسِيرَهَا بِالتَّسْوِيَةِ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ بِسَنَدِ حَدِيثِ الْبَابِ عَنْ عُمَرَ قَالَ لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى الْحَوْلِ لَأُلْحِقَنَّ أَسْفَلَ النَّاسِ بِأَعْلَاهُمْ وَقَدْ قَدَّمْتُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ تَنْبِيهٌ نَقَلَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ عَنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَقِ حَرْفَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فِي اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ النَّحْوِيِّينَ وَلَا اللُّغَةِ وَقَدْ ذَكَرَ سِيبَوَيْهِ الْبَبْرَ بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ سَاكِنَةٍ وَهِيَ دَابَّةٌ تُعَادِي الْأَسَدَ وَفِي الْأَعْلَامِ بَبَّةٌ بِمُوَحَّدَتَيْنِ الثَّانِيَةُ ثَقِيلَةٌ لَقَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيِّ أَمِيرِ الْكُوفَةِ قَوْلُهُ وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا لَهُمْ خِزَانَةً يقتسمونها أَي يقتسمون خراجها قَوْله فِي الطَّرِيق الثَّانِيَة حَدثنَا

الصفحة 490