كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 7)

بِأُمُورٍ عِظَامٍ كَانَ مِثْلُهُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْضُرَهُ فِيهَا وَيُشَاوِرَهُ أَوْ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَشِرْهُ فِي عَقْدِ الْخِلَافَةِ لَهُ أَوَّلًا وَالْعُذْرُ لِأَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ خَشِيَ مِنَ التَّأَخُّرِ عَنِ الْبَيْعَةِ الِاخْتِلَافَ لِمَا كَانَ وَقَعَ مِنَ الْأَنْصَارِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ فَلَمْ يَنْتَظِرُوهُ قَوْلُهُ شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ أَيْ وَقَعَ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ قَوْلُهُ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ أَيِ الَّتِي تَرَكَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ وَغَيْرِهَا قَوْلُهُ فَلَمْ آلُ أَيْ لَمْ أُقَصِّرْ قَوْلُهُ مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةُ بِالْفَتْحِ وَيَجُوزُ الضَّمُّ أَيْ بَعْدَ الزَّوَالِ قَوْلُهُ رَقِيَ الْمِنْبَرَ بِكَسْرِ الْقَافِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ أَيْ علا وَحكى بن التِّينِ أَنَّهُ رَآهُ فِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِ الْقَافِ بَعْدَهَا أَلِفٌ وَهُوَ تَحْرِيفٌ قَوْلُهُ وَعَذَرَهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالذَّالِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الذَّالِ عَطْفًا عَلَى مَفْعُولِ وَذَكَرَ قَوْلُهُ وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَذَكَرَ فَضِيلَتَهُ وَسَابِقِيَّتَهُ ثُمَّ مَضَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ قَوْلُهُ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا أَيْ كَانَ وُدُّهُمْ لَهُ قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ أَيْ مِنَ الدُّخُولِ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَنْ تَأَمَّلَ مَا دَارَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ مِنَ الْمُعَاتَبَةِ وَمِنَ الِاعْتِذَارِ وَمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ مِنَ الْإِنْصَافِ عَرَفَ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يَعْتَرِفُ بِفَضْلِ الْآخَرِ وَأَنَّ قُلُوبَهُمْ كَانَتْ مُتَّفِقَةً عَلَى الِاحْتِرَامِ وَالْمَحَبَّةِ وَإِنْ كَانَ الطَّبْعُ الْبَشَرِيُّ قَدْ يَغْلِبُ أَحْيَانًا لَكِنَّ الدِّيَانَةَ تَرُدُّ ذَلِكَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَقَدْ تَمَسَّكَ الرَّافِضَةُ بِتَأَخُّرِ عَلِيٍّ عَنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى أَنْ مَاتَتْ فَاطِمَةُ وَهَذَيَانُهُمْ فِي ذَلِكَ مَشْهُورٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُدْفَعُ فِي حجتهم وَقد صحّح بن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ عَلِيًّا بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ لَمْ يُبَايِعْ عَلِيٌّ أَبَا بَكْرٍ حَتَّى مَاتَتْ فَاطِمَةُ قَالَ لَا وَلَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَقَدْ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يُسْنِدْهُ وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الْمَوْصُولَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَصَحُّ وَجَمَعَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ بَايَعَهُ بَيْعَةً ثَانِيَةً مُؤَكِّدَةً لِلْأُولَى لِإِزَالَةِ مَا كَانَ وَقَعَ بِسَبَبِ الْمِيرَاثِ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ لَمْ يُبَايِعْهُ عَلِيٌّ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ عَلَى إِرَادَةِ الْمُلَازَمَةِ لَهُ وَالْحُضُورِ عِنْدَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ فِي انْقِطَاعِ مِثْلِهِ عَنْ مِثْلِهِ مَا يُوهِمُ مَنْ لَا يَعْرِفُ بَاطِنَ الْأَمْرِ أَنَّهُ بِسَبَبِ عَدَمِ الرِّضَا بِخِلَافَتِهِ فَأَطْلَقَ مَنْ أَطْلَقَ ذَلِكَ وَبِسَبَبِ ذَلِكَ أَظْهَرَ عَلِيٌّ الْمُبَايَعَةَ الَّتِي بَعْدَ مَوْتِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ لِإِزَالَةِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ

(الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ)
[4242] قَوْلُهُ حَدَّثَنِي حَرَمِيٌّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّة ثَقيلَة اسْم بِلَفْظ النّسَب وَهُوَ بن عمَارَة شيخ شَيْخه وَعمارَة هُوَ بن أبي حَفْصَة وَعِكْرِمَة هُوَ مولى بن عَبَّاسٍ وَلَيْسَ لِعِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرٌ سَبَقَ فِي الطَّهَارَةِ وَثَالِثٌ يَأْتِي فِي اللِّبَاسِ قَوْلُهُ قُلْنَا الْآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ أَيْ لِكَثْرَةِ مَا فِيهَا مِنَ النَّخِيلِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ فَتْحِهَا فِي قِلَّةٍ مِنَ الْعَيْشِ الْحَدِيثُ الثَّلَاثُونَ

[4243] قَوْله حَدثنَا الْحسن هُوَ بن مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ وَقَعَ مَنْسُوبًا فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ وَقَالَ الْكَلَابَاذِيُّ يُقَالُ إِنَّهُ الزَّعْفَرَانِيُّ وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَقَالَ هُوَ الْحَسَنُ بْنُ شُجَاعٍ يَعْنِي الْبَلْخِيَّ أَحَدُ الْحُفَّاظِ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِ الْبُخَارِيِّ وَمَاتَ قَبْلَهُ بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَهُوَ شَابٌّ وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الزُّمَرِ حَدِيثٌ آخَرُ عَنِ الْحَسَنِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ فَقِيلَ أَيْضًا إِنَّهُ هُوَ وَقُرَّةُ بْنُ حبيب أَي بن يَزِيدَ الْقَنَوِيُّ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالنُّونِ الْخَفِيفَةِ نِسْبَةٌ إِلَى بَيْعِ الْقَنَا وَهِيَ الرِّمَاحُ وَكَذَا يُقَالُ لَهُ أَيْضًا الرِّمَاحُ وَهُوَ قُشَيْرِيُّ النَّسَبِ بَصْرِيٌّ أَصْلُهُ مِنْ نَيْسَابُورَ وَقَدْ لَقِيَهُ الْبُخَارِيُّ وَحَدَّثَ عَنْهُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحِ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ قَوْلُهُ مَا شَبِعْنَا حَتَّى فَتْحَنَا خَيْبَر يُؤَيّد حَدِيث عَائِشَة الَّذِي قبله

الصفحة 495