كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 7)

فِي تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ أَنَّ مُرَادَهُ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي عَدَدِ عُمَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي الْحَجِّ ثُمَّ ظَهَرَ لِي الْآنَ أَنَّ مُرَادَهُ بِحَدِيثِ أَنَسٍ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا رِوَايَتُهُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَنْشُدُ بَيْنَ يَدَيْهِ خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهِ بِأَنَّ خَيْرَ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِهِ نَحْنُ قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ كَمَا قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِهِ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَمَا وَجَدْتُهُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا عَالِيًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَزْهَرِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَذَكَرَ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ مِنَ الرَّجَزِ وَقَالَ بَعْدَهُ الْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ تَفَرَّدَ بِهِ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَتَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قُلْتُ وَقَدْ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي عَنِ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَسًا وَعِنْدَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيله فِي صحف تتلى على رَسُوله وَذكره بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ بَلَغَنِي فَذَكَرَهُ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ إِنِّي رَأَيْت الْحق فِي قبُوله وَزعم بن هِشَامٍ فِي مُخْتَصَرِ السِّيرَةِ أَنَّ قَوْلَهُ نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ إِلَى آخِرِ الشِّعْرِ مِنْ قَوْلِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَهُ يَوْمَ صِفِّينَ قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يُقِرُّوا بِالتَّنْزِيلِ وَإِنَّمَا يُقَاتَلُ عَلَى التَّأْوِيلِ مَنْ أَقَرَّ بِالتَّنْزِيلِ انْتَهَى وَإِذَا ثَبَتَتِ الرِّوَايَةُ فَلَا مَانِعَ مِنْ إِطْلَاق ذَلِك فَإِن التَّقْدِير على رَأْي بن هِشَامٍ نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ أَيْ حَتَّى تُذْعِنُوا إِلَى ذَلِكَ التَّأْوِيلِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِ مَا فَهَمْنَا مِنْهُ حَتَّى تَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلْنَا فِيهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ مُحْتَمَلًا وَثَبَتَتِ الرِّوَايَةُ سَقَطَ الِاعْتِرَاضُ نَعَمُ الرِّوَايَةُ الَّتِي جَاءَ فِيهَا فَالْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ يَظْهَرُ أَنَّهَا قَوْلُ عَمَّارٍ وَيَبْعُدُ أَن تكون قَول بن رَوَاحَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ ضَرْبٌ وَلَا قِتَالٌ وَصَحِيحُ الرِّوَايَةِ نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ كَمَا ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ يُشِيرُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى مَا مَضَى وَلَا مَانِعَ أَنْ يَتَمَثَّلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بِهَذَا الرَّجَزِ وَيَقُولَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ نَحْنُ ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ أَيْ فِي عَهْدِ الرَّسُولِ فِيمَا مَضَى وَقَوْلُهُ وَالْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ أَيِ الْآنَ وَجَازَ تَسْكِينُ الْبَاءِ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ بَلْ هِيَ لُغَةٌ قُرِئَ بِهَا فِي الْمَشْهُورِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهَا الْبَزَّارُ وَقَالَ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ ثَابِتٍ إِلَّا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَخْرَجَهَا

الصفحة 501