كتاب فتح العزيز بشرح الوجيز = الشرح الكبير للرافعي (اسم الجزء: 7)

قطع نبات الحرم حرام كاصطياد صيده للخبر الذى قدمناه وهل يتعلق به الضمان فيه قولان (أصحهما) وبه قال أبو حنيفة وأحمد رحمهما الله نعم لان ممنوع من اتلافه لحرمة الحرم فيجب به الضمان كالصيد (والثانى) ويحكى عن القديم لا وبه قال مالك لان الاحرام لا يوجب ضمان الشجرة فكذلك الحرم * إذا عرفت ذلك فنفصل ونقول النبات شجر وغيره أما الشجر فيحرم التعرض بالقطع والقلع لكل شجر رطب غير مؤذ حرمى فيخرج بقيد الرطب الشجر اليابس فلا شئ في قطعه كما لو قد صيدا ميتا نصفين وبقيد غير المؤذى العوسج وكل شجرة ذات شوك فانها بمثابة الفواسق وسائر المؤذيات فلا يتعلق بقطعها ضمان * هذا هو المشهور ونقل صاحب التتمة وجها آخر انها مضمونة وزعم انه الصحيح لاطلاق الخبر ويفارق الحيوانات فانها تقصد بالاذية ويخرج بقيد الحرمى أشجار الحل ولا يجوز أن يقطع شجرة من أشجار الحرم وينقلها إلى الحل محافظة على حرمتها ولو نقل فعليه الرد بخلاف ما لو نقل من بقعة من الحرم إلى أخرى لا يؤمر بالرد وسواء نقل أشجار الحرم وأغصانها إلى الحل أو الحرم فينظر ان لم ينبت فعليه الجزاء وان نبت في الموضع
المنقول إليه فلاجزاء عليه ولو قلعها قالع لزمه الجزاء استبقاء لحرمة لحرم وعلى عكسه لو قلع شجرة من الحل وغرسها في الحرم فنبتت فلا يثبت لها حكم الحرم بخلاف الصيد يدخل الحرم فيجب الجزاء بالتعرض له لان الصيد ليس باصل ثابت فالوجه اعتبار مكانه والشجر أصل ثابت فله حكم منبته حتى لو كان أصل الشجرة في الحرم وأغصانها في الحل فقطع من أغصانها شيئا فعليه ضمان الغصن ولو كان عليه صيدا فاخذه فلا جزاء عليه وعلى عكسه لو كان اصلها في الحل واغصانه في الحرم وقطع غصنا منها فلا شئ ولو كان عليه صيد فاخذه فعليه الجزاء * وإذا قطع غصنا من شجرة حرمية ولم يخلف فعليه ضمان النقصان وسبيله سبيل جرح الصيد وان اخلف في تلك السنة لكون الغصن لطيفا كالسواك وغيره فلا ضمان وإذا وجب الضمان فلو نبت مكان المقطوع مثله ففى سقوط الضمان قولان كالقولين في السن إذا نبت بعد القلع * ويجوز أخذ أوراق الاشجار لكنها لا تهش حذرا من أن يصيب لحاها (وأما) الشجرة التامة فتضمن ببقرة ان كانت كبيرة وبشاة ان كانت دونها يروى ذلك عن ابن الزبير وابن عباس رضى الله عنهم وغيرهما ومثل هذا لا يطلق الا عن توقيف * قال الامام ولا شك أن البدنة في معنى البقرة وأقرب قول في ضبط الشجرة المضمونة بالشاة أن تقع قريبة من سبع الكبيرة فان الشاة من البقرة سبعا فان صغرت جدا فالواجب القيمة * والامر في ذلك كله على التعديل والتخيير كما في الصيد وهل يعم التحريم والضمان ما ينبت بنفسه من الاشجار

الصفحة 511