كتاب الإصابة في تمييز الصحابة (اسم الجزء: 7)

وأخرج ابن أبي الدّنيا في كتاب «المزاح» والزّبير بن بكّار فيه، من طريق ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة- أن رجلا قال له: إني أصبحت صائما، فجئت أبي فوجدت عنده خبزا ولحما، فأكلت حتى شبعت، ونسيت أني صائم. فقال أبو هريرة: اللَّه أطعمك. قال:
فخرجت حتى أتيت فلانا فوجدت عنده لقحة تحلب فشربت من لبنها حتى رويت. قال: اللَّه سقاك. قال: ثم رجعت إلى أهلي وثقلت فلما استيقظت دعوت بماء فشربته. فقال: يا ابن أخي، أنت لم تعود الصيام.
وأخرج ابن أبي الدّنيا في «المحتضرين» بسند صحيح، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: دخلت على أبي هريرة وهو شديد الوجع فاحتضنته، فقلت: اللَّهمّ اشف أبا هريرة. فقال: اللَّهمّ لا ترجعها- قالها مرتين، ثم قال: إن استطعت أن تموت فمت، واللَّه الّذي نفس أبي هريرة بيده ليأتينّ على الناس زمان يمرّ الرجل على قبر أخيه فيتمنى أنه صاحبه.
قلت: وقد جاء هذا الحديث مرفوعا عن أبي هريرة، عن عمير بن هانئ، قال: كان أبو هريرة يقول: تشبّثوا بصدغي معاوية، اللَّهمّ لا تدركني سنة ستين.
وأخرج أحمد والنّسائيّ بسند صحيح، عن عبد الرحمن بن مهران، عن أبي هريرة- أنه قال حين حضره الموت: لا تضربوا عليّ فسطاطا، ولا تتبعوني بمجمرة، وأسرعوا بي.
وأخرج أبو القاسم بن الجرّاح في «أماليه» ، من طريق عثمان الغطفانيّ، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: إذا مت فلا تنوحوا عليّ، ولا تتبعوني بمجمرة، وأسرعوا بي.
وأخرج البغويّ، من وجه آخر، عن أبي هريرة- أنه لما حضرته الوفاة بكى، فسئل، فقال: من قلة الزاد وشدة المفازة.
وأخرج ابن أبي الدّنيا، من طريق مالك، عن سعيد المقبري، قال: دخل مروان على أبي هريرة في شكواه الّذي مات فيها، فقال: شفاك اللَّه. فقال أبو هريرة: اللَّهمّ إني أحب لقاءك، فأحبب لقائي، فما بلغ مران- يعني وسط السوق- حتى مات.
وقال ابن سعد، عن الواقديّ: حدثني ثابت بن قيس، عن ثابت بن مسحل، قال:
صلى الوليد بن عقبة بن أبي سفيان على أبي هريرة بعد أن صلّى بالناس العصر، وفي القوم ابن عمر، وأبو سعيد الخدريّ، قال: وكتب الوليد إلى معاوية يخبره بموته، فكتب إليه:
انظر من ترك فادفع إلى ورثته عشرة آلاف درهم، وأحسن جوارهم، فإنه كان ممن نصر

الصفحة 361