كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 7)

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ) الْأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سعد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زرارة ويقال بن مُحَمَّدٍ بَدَلَ عَبْدِ اللَّهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْسُبُهُ إِلَى جَدِّهِ لِأُمِّهِ فَيَقُولُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ كذا في تهذيب التهذيب (عن بن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ) قَالَ الْحَافِظُ فِي التقريب بن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي لَعْقِ الْأَصَابِعِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
وَجَاءَ بِالشَّكِّ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَفِي حَدِيثِ أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ نُسِبَ لِجَدِّهِ
وَفِي حَدِيثِ مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ لَمْ يُسَمَّ وَهُوَ أَحَدُ هَذَيْنِ
وَكَذَا فِي حَدِيثِ مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ وَإِنِ امْرَأَةً ذَبَحَتْ شَاةً بِحَجَرٍ وَقِيلَ فِي هَذَا الْأَخِيرِ عَنِ بن كَعْبٍ عَنْ أَخِيهِ
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبٍ انْتَهَى (عَنْ أَبِيهِ) أَيْ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي كَعْبٍ الْأَنْصَارِيِّ السُّلَمِيِّ الْمَدَنِيِّ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الذين خلفوا
قوله (ما) نافية (جائعان) أي بِهِ لِلْمُبَالَغَةِ (أُرْسِلَا) أَيْ خُلِّيَا وَتُرِكَا (فِي غَنَمٍ) أَيْ قَطِيعَةِ غَنَمٍ (لِدِينِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَفْسَدَ
وَالْمَعْنَى أَنَّ حِرْصَ الْمَرْءِ عَلَيْهِمَا أَكْثَرُ فَسَادًا لِدِينِهِ الْمُشَبَّهِ بِالْغَنَمِ لِضَعْفِهِ يُجَنَّبُ حِرْصُهُ مِنْ إِفْسَادِ الذِّئْبَيْنِ لِلْغَنَمِ
قَالَ الطِّيبِيُّ مَا بِمَعْنَى لَيْسَ وَذِئْبَانِ اسْمُهَا
وَجَائِعَانِ صِفَةٌ لَهُ وَأُرْسِلَا فِي غَنَمٍ الْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ عَلَى أَنَّهَا صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ وَقَوْلُهُ بِأَفْسَدَ خَبَرٌ لِمَا وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ وَهُوَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ أَيْ بِأَشَدَّ إِفْسَادٍ وَالضَّمِيرُ فِي لَهَا لِلْغَنَمِ وَاعْتُبِرَ فِيهَا الْجِنْسِيَّةُ فَلِذَا أُنِّثَ وَقَوْلُهُ مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ هُوَ الْمُفَضَّلُ عَلَيْهِ لِاسْمِ التَّفْضِيلِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ يَتَعَلَّقُ بِالْحِرْصِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَاهُ وَقَوْلُهُ لِدِينِهِ اللَّامُ فِيهِ بَيَانٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرضاعة كَأَنَّهُ قِيلَ بِأَفْسَدَ لِأَيِّ شَيْءٍ قِيلَ لِدِينِهِ
وَمَعْنَاهُ لَيْسَ ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي جَمَاعَةٍ مِنْ جِنْسِ الْغَنَمِ بِأَشَدَّ إِفْسَادًا لِتِلْكَ الْغَنَمِ مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالْجَاهِ فَإِنَّ إِفْسَادَهُ لِدِينِ الْمَرْءِ أَشَدُّ مِنْ إِفْسَادِ الذِّئْبَيْنِ الْجَائِعَيْنِ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ إِذَا أُرْسِلَا فِيهَا
أَمَّا الْمَالُ فَإِفْسَادُهُ أَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْقُدْرَةِ يُحَرِّكُ دَاعِيَةَ الشَّهَوَاتِ وَيَجُرُّ إِلَى التَّنَعُّمِ فِي الْمُبَاحَاتِ فَيَصِيرُ التَّنَعُّمُ مَأْلُوفًا وَرُبَّمَا يَشْتَدُّ أَنْسُهُ بِالْمَالِ وَيَعْجِزُ عَنْ كَسْبِ الْحَلَالِ فَيَقْتَحِمُ فِي الشُّبُهَاتِ مَعَ أَنَّهَا مُلْهِيَةٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا أَحَدٌ
وَأَمَّا الْجَاهُ فَيَكْفِي بِهِ إِفْسَادًا أَنَّ الْمَالَ يُبْذَلُ لِلْجَاهِ وَلَا يُبْذَلُ الْجَاهُ لِلْمَالِ وَهُوَ الشِّرْكُ الخفي فيخوض في المراآة وَالْمُدَاهَنَةِ وَالنِّفَاقِ وَسَائِرِ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ فَهُوَ أَفْسَدُ وأفسد انتهى

الصفحة 39