كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 7)

(بَاب مَا جَاءَ فِي صُحْبَةِ الْمُؤْمِنِ)
[2395] قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ غَيْلَانَ) بِفَتْحِ مُعْجَمَةٍ وَسُكُونِ تَحْتِيَّةٍ التُّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ مِنَ السَّابِعَةِ (أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ قَيْسِ) بْنِ الْأَخْرَمِ (التُّجِيبِيَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَكَسْرُ جيم وسكون مثناة تحت وحدة وَبِشَدَّةِ يَاءٍ فِي الْآخِرِ مَنْسُوبٌ إِلَى تُجِيبَ بْنِ ثَوْبَانَ بْنِ سُلَيْمٍ مَقْبُولٌ مِنَ الْخَامِسَةِ
وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ رَوَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَوْ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ انْتَهَى
قَوْلُهُ (قَالَ سَالِمٌ أَوْ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) وَسِيَاقُ سَنَدِ أَبِي دَاوُدَ هَكَذَا حَدَّثَنَا عَمْرُو بن عون أنبأنا بن الْمُبَارَكِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ غَيْلَانَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَوْ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ انْتَهَى
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ لِسَالِمِ بْنِ غَيْلَانَ فِي أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ قَيْسٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
قَوْلُهُ (لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا) أَيْ كَامِلًا بَلْ مُكَمِّلًا أَوِ الْمُرَادُ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ مُصَاحَبَةِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ لِأَنَّ مُصَاحَبَتَهُمْ مَضَرَّةٌ فِي الدِّينِ فَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِ مِنْ جِنْسِ الْمُؤْمِنِينَ (وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ) أَيْ مُتَوَرِّعٌ يَصْرِفُ قُوَّةَ الطَّعَامِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَالنَّهْيُ وَإِنْ نُسِبَ إِلَى التَّقِيِّ فَفِي الْحَقِيقَةِ مُسْنَدٌ إِلَى صَاحِبِ الطَّعَامِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ لَا أرينك ها هنا
فَالْمَعْنَى لَا تُطْعِمْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيًّا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا إِنَّمَا جَاءَ فِي طَعَامِ الدَّعْوَةِ دُونَ طَعَامِ الْحَاجَةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَسْرَاهُمْ كَانُوا كُفَّارًا غَيْرَ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّمَا حَذَّرَ مِنْ صُحْبَةِ مَنْ لَيْسَ بِتَقِيٍّ وَزَجَرَ عَنْ مُخَالَطَتِهِ وَمُؤَاكَلَتِهِ لِأَنَّ الْمَطَاعِمَ تُوقِعُ الْأُلْفَةَ وَالْمَوَدَّةَ فِي الْقُلُوبِ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ وَلَا يَأْكُلْ نَهْيٌ لِغَيْرِ التَّقِيِّ أَنْ يَأْكُلَ طَعَامَهُ وَالْمُرَادُ نَهْيُهُ عَنْ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِمَا لَا يَأْكُلُ التَّقِيُّ طَعَامَهُ مِنْ كَسْبِ الْحَرَامِ وَتَعَاطِي مَا يُنَفِّرُ عَنْهُ التَّقِيَّ
فَالْمَعْنَى لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُطِيعًا وَلَا تُخَالِلْ إِلَّا تَقِيًّا انْتَهَى
قال القارىء وَهُوَ فِي غَايَةٍ مِنَ الْبَهَاءِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ بِهِ وَجْهُ الْحَصْرِ فَالصَّوَابُ مَا قدمناه

الصفحة 64