كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 7)

أَرَاقَ دَمَ هَذَا بِغَيْرِ حَقٍّ (وَضَرَبَ هَذَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ أَوْ زِيَادَةً عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ وَالْمَعْنَى جَمَعَ بَيْنَ تِلْكَ الْعِبَادَاتِ وَهَذِهِ السَّيِّئَاتِ (فَيَقْعُدُ) أَيِ الْمُفْلِسُ (فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ) أَيْ يَأْخُذُ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ قِصَاصًا
قَالَ النَّوَوِيُّ يَعْنِي حَقِيقَةَ الْمُفْلِسِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُ
وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ وَمَنْ قَلَّ مَالُهُ فَالنَّاسُ يُسَمُّونَهُ مُفْلِسًا وَلَيْسَ هَذَا حَقِيقَةَ الْمُفْلِسِ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَزُولُ وَيَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِ وَرُبَّمَا انْقَطَعَ بِيَسَارٍ يَحْصُلُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ الْمُفْلِسِ فَإِنَّهُ يَهْلَكُ الْهَلَاكَ التَّامَّ
قَالَ الْمَازِرِيُّ زَعَمَ بَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وَهُوَ بَاطِلٌ وَجَهَالَةٌ بَيِّنَةٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا عُوقِبَ بِفِعْلِهِ وَوِزْرِهِ فَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ حُقُوقٌ لِغُرَمَائِهِ فَدُفِعَتْ إِلَيْهِمْ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَلَمَّا فَرَغَتْ حَسَنَاتُهُ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ خُصُومِهِ فَوُضِعَتْ عَلَيْهِ
فَحَقِيقَةُ الْعُقُوبَةِ مسبة عَنْ ظُلْمِهِ وَلَمْ يُعَاقَبْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ مِنْهُ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
[2419] قَوْلُهُ (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ النُّونِ مُصَغَّرًا الْغَنَوِيِّ أَبِي أُسَامَةَ الْجَزَرِيِّ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ
قَوْلُهُ (كَانَتْ لِأَخِيهِ) أَيْ فِي الدِّينِ (عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَيُفْتَحُ اسْمُ مَا أَخَذَهُ الظَّالِمُ أَوْ تَعَرَّضَ لَهُ (فِي عِرْضٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ هُوَ مَوْضِعُ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ مِنَ الْإِنْسَانِ سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسِهِ أَوْ سَلَفِهِ أَوْ مَنْ يَلْزَمُهُ أَمْرُهُ
وَقِيلَ هُوَ جَانِبُهُ الَّذِي يَصُونَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَنَسَبِهِ وَحَسَبِهِ وَيُحَامِي عَنْهُ أَنْ يُنْتَقَصَ وَيُثْلَبَ
وَقِيلَ نَفْسُهُ وَبَدَنُهُ لَا غَيْرُ (فَجَاءَهُ) أَيْ جَاءَ الظَّالِمُ الْمَظْلُومَ (فَاسْتَحَلَّهُ)
قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ تَحَلَّلْتَهُ وَاسْتَحْلَلْتَهُ إِذَا سَأَلْتَهُ أَنْ يَجْعَلَكَ فِي حِلٍّ (قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ
أَيْ تُقْبَضَ رُوحُهُ (وَلَيْسَ ثَمَّ) أَيْ هُنَاكَ يَعْنِي فِي الْقِيَامَةِ (دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ) يقضي بِهِ (فَإِنْ كَانَتْ لَهُ

الصفحة 87