كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 7)

كَالْمُفْلِسِ يُمْهَلُ وَيُؤَجَّلُ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْكَ
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَلْزَمُ الْفَقِيرَ وَاحْتَجَّ بظاهر هذا الحديث انتهى
(رواه بن جُرَيْجٍ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ وَالْأَوْزَاعِيَّ وَمَنْصُورَ

ــــــــــــQوَلَا رَيْب أَنَّ الزُّهْرِيّ حَدَّثَ بِهِ هَكَذَا وَهَكَذَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَكِلَاهُمَا مَحْفُوظ عَنْهُ بِلَا رَيْب وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَرِوَايَة التَّرْتِيب الْمُصَرِّحَة بِذِكْرِ الْجِمَاع أَوْلَى أَنْ يُؤْخَذ بِهَا لِوُجُوهٍ أَحَدهَا أَنَّ رُوَاتهَا أَكْثَر وَإِذَا قُدِّرَ التَّعَارُض رَجَّحْنَا بِرِوَايَةِ الْأَكْثَر اِتِّفَاقًا وَفِي الشَّهَادَة بِخِلَافٍ مَعْرُوف
الثَّانِي أَنَّ رُوَاتهَا حَكَوْا الْقِصَّة وَسَاقُوا ذِكْر الْمُفْطِر وَأَنَّهُ الْجِمَاع وَحَكَوْا لَفْظ النَّبِيّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَأَمَّا رُوَاة التَّخْيِير فَلَمْ يُفَسِّرُوا بِمَاذَا أَفْطَرَ وَلَا حَكَوْا أَنَّ ذَلِكَ لَفْظ رَسُول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَلَا مِنْ لَفْظ صَاحِب الْقِصَّة وَلَا حكوه أيضا لفظ الرسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَفَّارَة فَكَيْف تُقَدَّم رِوَايَتهمْ عَلَى رِوَايَة مَنْ ذَكَر لَفْظ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّرْتِيب وَلَفْظ الرَّاوِي فِي خَبَره عَنْ نَفْسه بِقَوْلِهِ وَقَعْت عَلَى أَهْلِي فِي رَمَضَان الثَّالِث أَنَّ هَذَا صَرِيح وَقَوْله أَفْطَرَ مُجْمَل لَمْ يَذْكُر فِيهِ بِمَاذَا أَفْطَرَ وَقَدْ فَسَّرَتْهُ الرِّوَايَة الْأُخْرَى بِأَنَّ فِطْره كَانَ بِجِمَاعٍ فَتَعَيَّنَ الْأَخْذ بِهِ
الرَّابِع أَنَّ حَرْف أَوْ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي التَّخْيِير فَلَيْسَ بِنَصٍّ فِيهِ وَقَوْله هَلْ تَسْتَطِيع كَذَا هَلْ تَسْتَطِيع كَذَا صَرِيح فِي التَّرْتِيب فَإِنَّهُ لَمْ يُجَوِّز لَهُ الِانْتِقَال إِلَى الثَّانِي إِلَّا بَعْد إِخْبَاره بِعَجْزِهِ عَمَّا قَبْله مَعَ أَنَّهُ صَرِيح لَفْظ صَاحِب الشَّرْع
وَقَوْله فَأَمَرَهُ أَنْ يُعْتِق رَقَبَة أَوْ يَصُوم لَمْ يَحْكِ فِيهِ لَفْظه
الْخَامِس أَنَّ الْأَخْذ بِحَدِيثِ التَّرْتِيب مُتَضَمِّن الْعَمَل بِالْحَدِيثِ الْآخَر لِأَنَّهُ يُفَسِّرهُ وَيُبَيِّن الْمُرَاد مِنْهُ وَالْعَمَل بِحَدِيثِ التَّخْيِير لَا يَتَضَمَّن الْعَمَل بِحَدِيثِ التَّرْتِيب وَلَا رَيْب أَنَّ الْعَمَل بِالنَّصَّيْنِ أَوْلَى

الصفحة 18