كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 7)

آخَرَ فَنَسِيتُ فَطَعِمْتُ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنْتَ إِنْسَانٌ لَمْ تَتَعَوَّدِ الصِّيَامَ
وَيُرْوَى أَوْ شَرِبَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا دُونَ بَاقِي الْمُفْطِرَاتِ لِأَنَّهُمَا الْغَالِبُ
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ فَصَرَّحَ بِإِسْقَاطِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَهُوَ ثِقَةٌ عَنِ الأنصاري
وأجيب بأن بن خُزَيْمَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاهِلِيِّ وَبِأَنَّ الْحَاكِمَ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ كِلَاهُمَا عَنِ الْأَنْصَارِيِّ فَهُوَ الْمُنْفَرِدُ بِهِ كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ ثُمَّ عَلَّلَ كَوْنَ النَّاسِي لَا يُفْطِرُ بِقَوْلِهِ (فَقَالَ أَطْعَمَكَ اللَّهُ وَسَقَاكَ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ إِنَّمَا لِلْحَصْرِ أَيْ مَا أَطْعَمَهُ أَحَدٌ وَلَا سَقَاهُ إِلَّا اللَّهُ
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا النِّسْيَانَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ لُطْفِهِ فِي حَقِّ عِبَادِهِ تَيْسِيرًا عَلَيْهِمْ وَدَفْعًا لِلْحَرَجِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ النِّسْيَانُ ضَرُورَةٌ وَالْأَفْعَالُ الضَّرُورِيَّةُ غَيْرُ مُضَافَةٍ فِي الْحُكْمِ إِلَى فَاعِلِهَا وَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ حَيْثُ قَالَ إِنَّ الصَّوْمَ يَبْطُلُ بِالنِّسْيَانِ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ
قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ

0 - (بَاب تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ)
(إِنْ كَانَ) هِيَ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الْمُثْقَلَةِ أَيْ أَنَّ الشَّأْنَ واحدا لِكَوْنَيْنِ زَائِدٌ قَالَهُ السِّنْدِيُّ (فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أقضيه حتى يأتي شعبان) لشغل مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ

ــــــــــــQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَاخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ أَخَّرَهُ عَنْ رَمَضَانَ آخَر فَقَالَ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ يَقْضِي وَيُطْعِم كُلّ يَوْم مِسْكِينًا

قَالَ الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وهذا قول بن عباس وبن عُمَر وَأَبِي هُرَيْرَة وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَالثَّوْرِيّ وَالْأَوْزاَعِيّ وَالْإِمَام

الصفحة 23