كتاب تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (اسم الجزء: 7)

الروم 38 41 بها على كمالِ القدرةِ والحكمة
{فآت ذَا القربى حَقَّهُ} من الصلةِ والصدقةِ وسائرِ المَبَرَّاتِ {والمسكين وابن السبيل} ما يستحقَّانِه والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أو لمن بُسط له كما تُؤذن به الفاءُ {ذَلِكَ خَيْرٌ لّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ الله} ذاتَه أو جهتَه ويقصدون بمعروفهم إيَّاه تعالى خالصاً أو جهةَ التقربِ إليه لا جهةً أُخرى {وأولئك هُمُ المفلحون} حيث حصَّلْوا بما بُسط لهم النَّعيمَ المُقيمَ
{وما آتيتم مّن رِباً} زيادةٌ خاليةٌ عن العوضِ عند المعاملةِ وقُرىء أتيتُم بالقصرِ أي غشيتمُوه أو رهقتمُوه من إعطاء ربا {ليربو فِى أَمْوَالِ الناس} ليزيدَ ويزكو في أموالِهم {فَلاَ يربو عند الله} أي لايبارك فيه وقُرىء لتربُوا أي لتزيدُوا أو لتصيرُوا ذوي ربا {وما آتيتم مّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ الله} أي تبتغُون به وجهَه تعالى خالِصاً {فَأُوْلَئِكَ هم المضعفون} أي ذووا الأضعافِ من الثَّوابِ ونظيرُ المُضْعف المُقْوى والموسر لذي القوة واليسارِ أو الذين ضعّفوا ثوابَهم وأموالَهم بالبركةِ وقُرىء بفتحِ العينِ وفي تغييرِ النَّظمِ الكريمِ والالتفاتِ من الجزالة مالايخفي
{الله الذى خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مّن شَىْء} أثبت له تعالى لوازمَ الأُلوهيَّةِ وخواصَّها ونفاها رأساً عَّما اتخذوه شركاء له تعالى من الأصنامِ وغيرِها مؤكِّداً بالإنكارِ على ما دلَّ عليه البرهانُ والعيانُ ووقع عليه الوفاقُ ثم استنتج منه تنزهه عن الشُّركاءِ بقولِه تعالى {سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} وقد جُوِّز أن يكونَ الموصولُ صفةً والخبرُ هل من شركائِكم والرابطُ قولُه تعالى مِن ذلِكم لأنه بمعنى من أفعاله ومن الأولى والثانية تفيدانِ شيوعَ الحُكمِ في جنسِ الشُّركاءِ والأفعالِ والثَّالثة مزيدةٌ لتعميمِ المنفيِّ وكل منها مستقلة بالتأكيدِ وقُرىء تُشرِكون بصيغةِ الخطابِ
{ظهر الفساد فى البر والبحر} كالجدبِ والمَوَتانِ وكثرةِ الحَرَقِ والغَرَقِ وإخفاقِ الغاصةِ ومحقِ البركاتِ وكثرةِ المضارِّ أو الضَّلالةِ والظُّلمِ وقيل المرادُ بالبحرِ قُرى السَّواحلِ وقُرى البحورِ {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى الناس} بشؤمِ مَعَاصيهم أو بكسبِهم إيَّاها وقيل ظهر الفساد فى البر بقتلِ قابيلَ أخاهُ هابيلَ وفي البحرِ بأنَّ جَلَندى

الصفحة 62