كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (اسم الجزء: 7)

حَيْثُ شاؤوا فَقدم عَلَيْهِ الباشا سَالم الدكالي فِي خمسين من القواد وَعَاهَدُوهُ بِالْحرم الإدريسي أَن لَا يُصِيبهُ مَكْرُوه فَخَرجُوا بِهِ حَتَّى قدمُوا بِهِ على أَخِيه فَلَمَّا مثل بَين يَدَيْهِ أَمر بِهِ أَن يحمل إِلَى مكناسة مَقْبُوضا عَلَيْهِ فوصل إِلَى مكناسة وسجن بدار الباشا مساهل ثمَّ رَحل السُّلْطَان الْمولى أَحْمد عَن فاس قَافِلًا إِلَى مكناسة وَعند حُلُوله بهَا مرض مرض مَوته وَلما أحس من نَفسه بِالْمَوْتِ أَمر بخنق أَخِيه الْمولى عبد الْملك فخنق لَيْلَة الثُّلَاثَاء أول يَوْم من شعْبَان ثمَّ توفّي السُّلْطَان الْمولى أَحْمد يَوْم السبت رَابِع شعْبَان الْمَذْكُور سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف فَكَانَ بَين وفاتهما ثَلَاثَة أَيَّام رحمهمَا الله
وَاعْلَم أَن مَا ذَكرْنَاهُ من هَذِه الْأَخْبَار هُوَ الَّذِي عِنْد صَاحب الْبُسْتَان وقلده أَبُو عبد الله أكنسوس حَذْو النَّعْل بالنعل وَرَأَيْت بِخَط جدنا من قبل الْأُم وَهُوَ الْفَقِيه الْأُسْتَاذ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن قَاسم الإدريسي اليحيوي الجباري عرف بِابْن زَرُّوق وَكَانَ حَيا فِي هَذِه الْمدَّة مَا نَصه
بُويِعَ الْمولى أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الْمَعْرُوف بالذهبي يَوْم وَفَاة وَالِده رَحمَه الله بعد أَن ثار بالمغرب وَالْقصر وحوزه فَسَاد كَبِير بَين الْقَبَائِل وَأَصْحَاب المخزن وَهلك فِي ذَلِك بشر كثير وَبعد مكثه فِي الْملك سنة وَاحِدَة وَثَمَانِية أشهر خلع وبويع أَخُوهُ الْمولى عبد الْملك فِي الآخر من رَجَب سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف وَهُوَ بالسوس الْأَقْصَى بِمَدِينَة تارودانت ثمَّ ورد على دَار المملكة بالحضرة المكناسية لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين من رَمَضَان الْمُعظم من السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ ثار عَلَيْهِ أَخُوهُ الْمولى أَحْمد المخلوع فِي عَاشر الْمحرم فاتح سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف واقتحم عَلَيْهِ دَار الْملك من مكناسة عنْوَة وَوَقع فَسَاد كَبِير بِالْمَدِينَةِ الْمَذْكُورَة وَهلك بشر كثير فِي الْحَرْب وَمِنْهُم من قتل صبرا وفر الْمولى عبد الْملك ناجيا بِنَفسِهِ إِلَى فاس ثمَّ حاصره بهَا الْمولى أَحْمد نَحوا من أَرْبَعَة أشهر حَتَّى خرج إِلَيْهِ على الْأمان فَأمر بسجنه بمكناسة ثمَّ قتل الْمولى عبد الْملك صبرا مخنوقا فِي أَوَاخِر رَجَب الْمَذْكُور أَيْضا اه كَلَامه وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْأَمر

الصفحة 124