كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (اسم الجزء: 7)

شرفهم بالمغرب كَثِيرُونَ كالجوطيين من الحسينيين الإدريسيين وكشرفاء تافيلالت من الحسينيين أَيْضا المحمديين وكالصقليين والعراقيين وَكِلَاهُمَا من الحسينيين بِالْيَاءِ الساكنة بَين السِّين وَالنُّون فَإِن شرف جَمِيعهم لَا يخْتَلف فِيهِ اثْنَان من أهل بِلَادهمْ وَمن يعرفهُمْ من غَيرهم اهـ
وَعَن شيخ الْجَمَاعَة الإِمَام أبي مُحَمَّد عبد الْقَادِر الفاسي رَحمَه الله أَنه قسم شرفاء الْمغرب بِحَسب الْقُوَّة والضعف إِلَى خَمْسَة أَقسَام وَمثل للقسم الأول الْمُتَّفق على صِحَّته بأصناف مِنْهُم هَؤُلَاءِ السَّادة السجلماسيون وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو عَليّ اليوسي رَحمَه الله شرف السَّادة السجلماسيين مَقْطُوع بِصِحَّتِهِ كَالشَّمْسِ الضاحية فِي رَابِعَة النَّهَار وَعَن الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الله بن معن الأندلسي أَنه كَانَ يَقُول مَا ولي الْمغرب بعد الأدارسة أصح نسبا من شرفاء تافيلالت
وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن شرف هَؤُلَاءِ السَّادة السجلماسيين مِمَّا لَا نزاع فِي صراحته وَلَا خلاف فِي صِحَّته عِنْد أهل الْمغرب قاطبة بِحَيْثُ جَاوز حد التَّوَاتُر بمرات رَضِي الله عَنْهُم ونفعنا بهم وبأسلافهم امين
دُخُول الْمولى حسن بن قَاسم إِلَى الْمغرب واستيطانه بسجلماسة وَالسَّبَب فِي ذَلِك

قَالُوا إِن أصل سلف هَؤُلَاءِ السَّادة رَضِي الله عَنْهُم من يَنْبع النّخل من أَرض الْحجاز قَالُوا وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أقطع جدهم عَليّ بن أبي طَالب أَرض يَنْبع فاستقرت ذُريَّته بِهِ وتناسلت إِلَى هَذَا الْعَهْد وَكَانَ أول من دخل مِنْهُم الْمغرب الْمولى حسن بن قَاسم فحكي عَن الْفَقِيه الْعَالم أبي عبد الله مُحَمَّد بن سعيد المرغيثي صَاحب الرجز الْمُسَمّى بالمقنع قَالَ أَخْبرنِي الشَّيْخ الإِمَام الْمولى أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عَليّ بن طَاهِر الحسني أَن جده الدَّاخِل إِلَى الْمغرب هُوَ الْمولى حسن بن قَاسم قَالَ وَكَانَ دُخُوله
الْعلمَاء مثل قَاضِي الْجَمَاعَة بمكناسة السَّيِّد سعيد العميري وقاضي الْجَمَاعَة بفاس السَّيِّد عبد الْقَادِر أبي خريص وَشَيخ الْجَمَاعَة بهَا السَّيِّد مُحَمَّد بن قَاسم جسوس وَالْإِمَام الْمُحَقق حَامِل لِوَاء الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول الشَّيْخ أبي حَفْص عمر الفاسي وَابْن عَمه السَّيِّد أبي مَدين الفاسي وَهُوَ الَّذِي تولى كِتَابَة الْبيعَة بِيَدِهِ وَإِمَام جَامع الشرفاء بفاس الْأُسْتَاذ الْمولى عبد الرَّحْمَن المنجرة وَالشَّيْخ الْعَلامَة السَّيِّد التاودي ابْن سَوْدَة المري وَإِمَام الْمَسْجِد الْكَبِير بفاس الْجَدِيد السَّيِّد عبد الله السُّوسِي وَالْإِمَام الْحَافِظ السَّيِّد أبي الْعَلَاء إِدْرِيس الْعِرَاقِيّ وَغَيرهم مِمَّن لَا يُحْصى كَثْرَة
وَقَوله فِي قَاضِي مكناسة السَّيِّد سعيد العميري صَوَابه ابْنه أَبُو الْقَاسِم العميري
وَوصل الْخَبَر بِمَوْت السُّلْطَان الْمولى عبد الله إِلَى ابْنه سَيِّدي مُحَمَّد وَهُوَ بمراكش فَأَقَامَ مأتمه وازدحم على بيعَته أهل مراكش وقبائل الْحَوْز والدير وقدمت عَلَيْهِ وُفُود السوس وحاحة بهداياهم ثمَّ قدم عَلَيْهِ العبيد والودايا وَأهل فاس من الْعلمَاء والأشراف وَسَائِر الْأَعْيَان وقبائل الْعَرَب والبربر وَالْجِبَال وَأهل الثغور كل ببيعته وهديته لم يتَخَلَّف عَنهُ أحد من أهل الْمغرب فَجَلَسَ للوفود إِلَى أَن فرغ من شَأْنهمْ وَأَجَازَهُمْ وَزَاد العبيد بِأَن أَعْطَاهُم خيلا كَثِيرَة وسلاحا كثيرا عرفُوا بهَا محلهم من الدولة وانقلبوا مسرورين مغتبطين
مَجِيء السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله عقب الْبيعَة من مراكش إِلَى فاس وَمَا اتّفق لَهُ فِي ذَلِك

لما فرغ أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى مُحَمَّد رَحمَه الله من أَمر الْوُفُود أَخذ فِي الاستعداد للنهوض إِلَى الغرب فَخرج من مراكش فِي عَسْكَر الْحَوْز ووجوهة حَتَّى انْتهى إِلَى مكناسة فَدخل دَار الْملك بهَا وَفرق على العبيد الْخَيل وَالسِّلَاح وَالْمَال وَكَانُوا على غَايَة من سوء الْحَال والاستكانة لغَلَبَة البربر إِذْ كَانُوا يتخطفون أَوْلَادهم من البحائر والجنات ويبيعونهم فِي

الصفحة 4