كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (اسم الجزء: 7)

بَيَان تربية أَوْلَاد عبيد الدِّيوَان وَكَيْفِيَّة تأديبهم

قد قدمنَا أَن جُمْهُور عبيد البُخَارِيّ كَانُوا بالمحلة من مشرع الرملة وَأَنَّهُمْ تَنَاسَلُوا بهَا وكثروا إِلَى الْغَايَة فَلَمَّا كَانَت سنة مائَة وَألف أَمر السُّلْطَان رَحمَه الله أُولَئِكَ العبيد أَن يأتوه بأبنائهم وبناتهم من عشر سِنِين فَمَا فَوق فَلَمَّا قدمُوا عَلَيْهِ فرق الْبَنَات على عريفات دَاره كل طَائِفَة فِي قصر للتربية والتأديب وَفرق الْأَوْلَاد على البنائين والنجارين وَسَائِر أهل الْحَرْف للْعَمَل والخدمة وسوق الْحمير والتدرب على ركُوبهَا حَتَّى إِذا أكملوا سنة نقلهم إِلَى سوق البغال الحاملة للآجر والزليج والقرمود والخشب وَنَحْو ذَلِك حَتَّى إِذا أكملوا سنة نقلهم إِلَى خدمَة المركز وَضرب أَلْوَاح الطابية حَتَّى إِذا أكملوا سنة نقلهم إِلَى الْمرتبَة الأولى فِي الجندية فكساهم وَدفع إِلَيْهِم السِّلَاح يتدربون بِهِ على الجندية وطرقها حَتَّى إِذا أكملوا سنة دفع إِلَيْهِم الْخَيل يركبونها أعراء بِلَا سروج ويجرونها فِي الميدان للتمرس بهَا والتدرب على ركُوبهَا حَتَّى إِذا أكملوا سنة وملكوا رؤوسها دفع إِلَيْهِم السُّرُوج فيركبونها بهَا ويتعلمون الْكر والفر والثقافة فِي المطاعنة والمراماة على صهواتها حَتَّى إِذا أكملوا سنة بعد ذَلِك صَارُوا فِي عداد الْجند الْمُقَاتلَة فَيخرج لَهُم السُّلْطَان الْبَنَات اللَّاتِي قدمن مَعَهم ويزوج كل وَاحِد من الْأَوْلَاد وَاحِدَة من الْبَنَات وَيُعْطِي الرجل عشرَة مَثَاقِيل مهر زَوجته وَيُعْطِي الْمَرْأَة خَمْسَة مَثَاقِيل شورتها ويولي عَلَيْهِم وَاحِدًا من آبَائِهِم الْكِبَار وَيُعْطِي ذَلِك الْقَائِد مَا يَبْنِي بِهِ دَاره وَمَا يَبْنِي بِهِ أخصاص أَصْحَابه وَهِي الْمَعْرُوفَة عندنَا بالنواويل وَيبْعَث بهم إِلَى الْمحلة بعد أَن يكتبوا فِي ديوَان الْعَسْكَر وَاسْتمرّ الْحَال هَكَذَا فَفِي كل سنة يَأْتِي من الْمحلة عدد صَغِير وَيتَوَجَّهُ إِلَيْهَا من عِنْد السُّلْطَان عدد كَبِير من سنة مائَة وَألف إِلَى أَن توفّي السُّلْطَان رَحمَه الله فِي التَّارِيخ الْآتِي فَبلغ عدد هَذَا الْعَسْكَر البُخَارِيّ مائَة ألف وَخمسين ألفا مِنْهَا ثَمَانُون ألفا مفرقة فِي قلاع الْمغرب لعمارتها وحراسة طرقها وَسَبْعُونَ ألفا بالمحلة وَعدد القلاع الَّتِي بناها الْمولى إِسْمَاعِيل رَحمَه الله بالمغرب سِتّ وَسَبْعُونَ قلعة لَا زَالَت

الصفحة 71