كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (اسم الجزء: 7)

الاعتناء بِأُمُور الْجِهَاد ويشكون إِلَيْهِ ضعف أهل الأندلس عَن مقاومة الْعَدو وَأَنَّهَا شاغرة مِمَّن تَجْتَمِع عَلَيْهِ الْقُلُوب وَقد كَانُوا راودوه وَهُوَ مُقيم عِنْدهم على أَن يبايعوه ويملكوه عَلَيْهِم والتزموا لَهُ الطَّاعَة والنصرة فَرغب عَن ذَلِك ورعا وزهدا وعزوفا عَن الدُّنْيَا وزهراتها قَالَ اليفرني رَحمَه الله وَقد وقفت على رسائل عديدة بعث بهَا إِلَيْهِ عُلَمَاء غرناطة يحضونه على الْجَوَاز إِلَيْهِم واستنفار الْمُجَاهدين إِلَى حماية بيضتهم ويذكرون لَهُ أَن كَافَّة أهل غرناطة من علمائها وصلحائها ورؤسائها قد وظفوا على أنفسهم من خَالص أَمْوَالهم دون توظيف سُلْطَان عَلَيْهِم أَمْوَالًا كَثِيرَة برسم الْغُزَاة الَّذين يردون مَعَه من الْمغرب وحلوه فِي بعض تِلْكَ الرسائل بِمَا نَصه إِلَى الْهمام الضرغام قطب دَائِرَة فرسَان الْإِسْلَام الشجاع الْمِقْدَام الهصور الفاتك الوقور الناسك طَلِيعَة جَيش الْجِهَاد وَعين أَعْيَان الأنجاد الْمُؤَيد بِالْفَتْح فِي هَذِه الْبِلَاد المسارع إِلَى مرضاة رب الْعباد مَوْلَانَا أبي الْحسن عَليّ الشريف اه نَص التحلية وَكَتَبُوا مَعَ ذَلِك إِلَى عُلَمَاء فاس يَلْتَمِسُونَ مِنْهُم أَن يحضوا الْمولى عليا على العبور إِلَى العدوة فَكتب إِلَيْهِ أَعْلَام فاس بِمثل ذَلِك وحثوه على المسارعة إِلَى إغاثتهم وَذكروا لَهُ فضل الْجِهَاد وَأَنه من أفضل أَعمال الْبر وَكَانَ من مُوجبَات تخلفه عَن إغاثة أهل غرناطة أَنه كَانَ قد عزم على الذّهاب إِلَى الْحَج فَقَالُوا لَهُ فِي بعض تِلْكَ الرسائل وعوضوا هَذِه الوجهة الحجية الَّتِي أجمع رَأْيكُمْ عَلَيْهَا وتوفر عزمكم لَدَيْهَا بالعبور إِلَى الْجِهَاد فَإِن الْجِهَاد أصلحكم الله فِي حق أهل الْمغرب أفضل من الْحَج كَمَا أفتى بِهِ الإِمَام ابْن رشد رَحمَه الله حِين سُئِلَ عَن ذَلِك وَقد بسط الْكَلَام عَلَيْهِ فِي أجوبته وَوجه مَا ذهب إِلَيْهِ من ذَلِك اه وَكَانَ مِمَّن كتب إِلَيْهِ من عُلَمَاء غرناطة جمَاعَة مِنْهُم الْفَقِيه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سراج شيخ الْمواق وقاضي الْجَمَاعَة بهَا وَمن شُيُوخ فاس الَّذين كتبُوا إِلَيْهِ الْفَقِيه أَبُو عبد الله العكرمي شيخ شُيُوخ الإِمَام ابْن غَازِي وَأَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن ماواس وَأَبُو زيد عبد الرَّحْمَن الرقعي صَاحب الرجز الْمَشْهُور وَغَيرهم

الصفحة 8