كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (اسم الجزء: 7)

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رجَالًا يَخُوضُونَ فِي مَال الله بِغَيْر حق لَهُم النَّار يَوْم الْقِيَامَة أَو كَمَا قَالَ وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من وَال يَلِي ولَايَة إِلَّا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة ويداه مغلولتان فَأَما عدل يفكه وَأما جور يوبقه وَعَن مَوْلَانَا عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَأَيْت عمر على قتب يعدو بِهِ بعيره بِالْأَبْطح فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَيْن تسير فَقَالَ بعيره من إبل الصَّدَقَة شرد أطلبه فَقلت أذللت الْخُلَفَاء من بعْدك فَقَالَ لَا تلمني فوالذي بعث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحَقِّ لَو أَن عنَاقًا ضلت بشاطىء الْفُرَات لأخذ بهَا عمر يَوْم الْقِيَامَة إِنَّه لَا حُرْمَة لوال ضيع الْمُسلمين وَلَا لفَاسِق روع الْمُؤمنِينَ وَقد رأى رَضِي الله عَنهُ شَيخا يَهُودِيّا يسْأَل على الْأَبْوَاب فَقَالَ مَا أنصفناك أَخذنَا مِنْك الْجِزْيَة مَا دمت شَابًّا ثمَّ ضيعناك الْيَوْم وَأمر أَن يجْرِي عَلَيْهِ قوته من بَيت المَال وليعلم سيدنَا أَن أول الْعدْل أَن يعدل فِي نَفسه فَلَا يَأْخُذ لنَفسِهِ من المَال إِلَّا بِحَق وليسأل الْعلمَاء عَمَّا يَأْخُذ وَمَا يُعْطي وَمَا يَأْتِي وَمَا يذر وَقد كَانَ بَنو إِسْرَائِيل يكون فيهم الْأَمِير على يَد نَبِي فالنبي يَأْمر والأمير ينفذ لَا غير وَلما كَانَت هَذِه الْأمة المرحومة انْقَطَعت مِنْهَا النُّبُوَّة بنبيها خَاتم النَّبِيين صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يبْق إِلَّا الْعلمَاء يقْتَدى بهم قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُلَمَاء أمتِي كأنبياء بني إِسْرَائِيل فَكَانَ حَقًا على هَذِه الْأمة أَن يتبعوا الْعلمَاء ويتصرفوا على أَيْديهم أخذا وَعَطَاء وَقد توفّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واستخلف أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ قبل ذَلِك يَبِيع وَيَشْتَرِي فِي السُّوق على عِيَاله فَلَمَّا بُويِعَ أَخذ مَاله الَّذِي للتِّجَارَة وَذهب للسوق على عَادَته حَتَّى رده عُلَمَاء الصَّحَابَة وَقَالُوا إِنَّك فِي شغل بِأَمْر الْخلَافَة عَن السُّوق وفرضوا لَهُ مَا يَكْفِيهِ مَعَ عِيَاله وَجعلُوا المَال على يَد أَمِين فَكَانَ هُوَ وَغَيره فِيهِ سَوَاء يَأْخُذ مِنْهُ بِمَا اقتضته الشَّرِيعَة لنَفسِهِ وَلغيره وَهَكَذَا سيرة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين من بعده فعلى سيدنَا أَن يَقْتَدِي بهؤلاء الْفُضَلَاء وَلَا يَقْتَدِي بِأَهْل الْأَهْوَاء وليسأل من مَعَه من الْفُقَهَاء الثِّقَات كسيدي مُحَمَّد بن الْحسن وسيدي أَحْمد ابْن سعيد وَغَيرهمَا من الْعلمَاء العاملين الَّذين يَتَّقُونَ الله وَلَا يخَافُونَ فِي الله

الصفحة 86