كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 7)

أهل السنة، وعلى تخلية الله بينهم وبين نفوسهم على قول المعتزلة.
وكما قال أهل السنة تواردت النصوص كتاباً وسنةً، كما مرَّ وكما لا يُحصى، نحو قوله تعالى: {وما تشاؤون إلاَّ أن يشاء الله} [التكوير: 29]، {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23 - 24].
ومن ذلك الحديث المشهور في النهي عن أن يقال: " ما شاء الله وشاء فلانٌ " بل يقال: " ما شاء الله ثم شاء فلان " (¬1).
وكذلك قال الله: {وما تشاوون إلاَّ أن يشاء الله} [التكوير: 29]، و {لا قُوَّةَ إلاَّ بالله} [الكهف: 39] والإجماع منعقدٌ على ذلك، فقد أجمع أهلُ السنة على وجوب كراهة الكفر والقبيح من الجهة التي صار منها كفراً وقبيحاً، لأنه من تلك الجهة غير منسوبٍ إلى الله، بل هو منها منسوبٌ إلى كسب العبد فكيف يُنْسَبُ من حيث سُمِّيَ كفراً وقبيحاً إلى الله تعالى وهو يجب علينا (¬2) الرضا بأفعاله سبحانه، فلو صح الجميع لوجب التناقض.
وقد اجتهد أهل السنة في التبرُّؤ من الجبر، وافترقوا على فِرَقٍ كثيرة تقدم بيانها، كل منهم بين ما يتعلق بقدرة العبد أهل الكسب وغيرهم، ولولا فرارهم من الجبر، ما ذكروا الكسب (¬3)، والأدلَّة عليه، وهذه العبارة تلزمهم الجبر،
¬__________
(¬1) حديث صحيح، أخرجه أحمد 5/ 384 و394 و398، وأبو داود (4980)، والنسائي في " اليوم والليلة " (985)، والطحاوي في " شرح مشكل الآثار " (236) بتحقيقنا، من طرق عن شعبة، عن منصور بن المعتمر، عن عبد الله بن يسار الجهني، عن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان ". وهذا إسناد صحيح.
وفي الباب عن جابر بن سمرة وقتيلة بنت صيفي الجهنية، كلاهما عند الطحاوي (237) و (238) و (239). فانظر تخريجهما فيه.
(¬2) في (أ): بحيث علمنا.
(¬3) من قوله: " وغيرهم ولولا " إلى هنا سقط من (أ).

الصفحة 150