كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 7)
من طرقٍ في أول " البداية والنهاية " (¬1).
وقال الشيخ شمس الدين محمد بن أبي بكر الحنبلي، وهو ابن قَيِّم الجوزية في كتابه " حادي الأرواح " (¬2): ولم يقف على المعنى المقصود من قال: إن المعنى: والشر لا يُتقرَّبُ به إليك، بل الشر لا يضاف إليه سبحانه بوجهٍ من الوجوه، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، ولا في أسمائه، فإن ذاته لها الكمال المُطلَقُ من جميع الوجوه، وصفاته كلها (¬3) يُحمد عليها، ويُثنى بها، وأفعاله كلها خيرٌ ورحمةٌ وعدلٌ وحكمةٌ لا شر فيها بوجهٍ، وأسماؤه حسنى، فكيف يضاف إليه الشر، إذ الشر في مفعولاته ومخلوقاته وهو منفصلٌ عنه، إذ فعله غير مفعوله، ففعله خيرٌ كله، وأما المفعول المخلوق ففيه الخير والشر، وإذا كان الشر مخلوقاً منفصلاً (¬4) فهو لا يضاف إليه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل: ولا أنت تخلق الشر (¬5)، حتى نطلب تأويل قوله، وإنما نفى إضافته إليه وصفاً (¬6) وفعلاً واسماً. انتهى ذلك.
فمن اعتقد صحة حديث الأسماء وتَعْدادها على مذهب المتساهلين في التصحيح، وعدم النظر إلى إعلالها بمخالفة الحفاظ الثقات، أو قَلَّد من صحح واستأنس بمتابعة الأكثر على القبول، فليعتقد في معنى ذلك أمرين:
أحدهما: أنه تعالى الضارُّ النافع بضره، المحسن فيه، العادل به، المحمود عليه، المانُّ به، المستحق أن يسمى ضره نفعاً ومِنَّةً وفضلاً ونعمةً ورحمةً، بالنظر إلى ما فيه من الحكمة، وأن يسمى هو سبحانه بسببه نافعاً عادلاً محسناً محموداً، واستُحِبَّ له أن يتلفظ بذلك أو أكثر منه. ألا ترى إلى قول
¬__________
(¬1) 1/ 81، وقد تقدم تخريج الحديث في الجزء السادس ص 322.
(¬2) ص 264 - 265.
(¬3) بعد هذا في " الحادي ": صفات كمال.
(¬4) بعد هذا في " الحادي ": غير قائم بالرب سبحانه.
(¬5) في " الحادي ": أنت لا تخلق الشر.
(¬6) في (ش): قولاً.
الصفحة 207
330