كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 7)

فتأمل في ذلك النظائر والأمثال، فانظر الآن بعين التحقيق" هل حَمْلُ الله تعالى للجبل مع الضعيف إن أمره بحمله مُبْطِلاً لتكليفه وتمكينه واختياره، أو مُصَحِّحاً له؟
ولو كان قولهم: إن فعل العبد مخلوقٌ لله تعالى يبطل كونه فعلاً للعبد، ويوجب الجبر كما زعمت المعتزلة، لم يكن أولى من العكس: وهو أن فعل العبد لما هو خلقٌ لله يبطل كونه خلقاً لله، وينفي عنهم الجبر.
ولكن المعتزلة يُستخرَجُ من كلامهم ما هو عليهم، ولا يُستخرج عنه ما هو لهم، كما قال الشاعر:
وعَينُ الرِّضا عن كلِّ عَيْبٍ كَلِيلَةٌ ... ولكنَّ عين السُّخْطِ تُبدِي المساوِيَا (¬1)
¬__________
(¬1) البيت من قصيدة لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، أوردها المبرد في " الكامل " 1/ 276 - 277، والحصري في " زهر الآداب " 1/ 93 - 94، وابن الشجري في " حماسته " 1/ 252 قالها في الفضيل بن السائب بن الأقرع الثقفي، حين لم ينهض بحاجته، وهي:
رأيتُ فُضيلاً كان شيئاً مُلَفَّفاً ... فكشفه التمحيصُ حتى بدا لِيا
أأنت أخي ما لم تكن لي حاجةٌ ... فإن عَرَضَتْ أيْقَنْتُ أنْ لا أخا لِيا
فلا زادَ ما بيني وبينَكَ بعدَما ... بلَوْتُك في الحاجاتِ إلاَّ تَمادِيا
فلستَ براءٍ عيبَ ذي الوُدِّ كلَّه ... ولا بعض ما فيه إذا كنت راضِيا
فعينُ الرِّضا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ ... ولكنَّ عينَ السُّخْطِ تُبدي المساويا
كِلانا غنيٌّ عن أخيه حياته ... ونحن إذا مُتْنا أشدُّ تغانِيا
وذكر صاحب " الأغاني " 12/ 214 و233 أنه لعبد الله بن معاوية يقوله للحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب فيما نقله عن مصعب الزبيري، ونقل عن مُؤَرِّج -وقال: وهو الصحيح- أنه في صديق له يقال له: قُصي بن ذكوان.
وقال الذهبي في " تاريخ الإسلام " 5/ 97: كان عبد الله جواداً ممدَّحاً شاعراً من رجال العلم وأبناء الدنيا، خرج بالكوفة وجمع خلقاً، ونزع الطاعة، وجرت له أمور يطول شرحها، =

الصفحة 21