كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 7)

وفي سيد الاستغفار: " أعوذ بك من شر ما صنعتُ " رواه البخاري (¬1).
ولذلك ترجمةٌ يطول تقصِّيها، وجملتها معلومةٌ، ومعلومٌ تنزيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للربِّ تقدَّسَتْ أسماؤه من إضافة اسم الشر وما يُرادِفُه إلى الله تعالى.
وأما الاستعاذة: فهي الاستجارة، ولا يُجِيرُ على الله سواه كما قال.
وقد أوجب العلماء العمل بالراجح في أحكام المعاملات الدنيوية، فكيف لا يجب المصير إليه، والنُّصرة له في أسماء الله الحسنى، التي هي أعز ما في كتاب الله سبحانه، الذي هو أعز ما في الوجود بعد الله عز وجل.
ولقد غيَّر (¬2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى سَمَّى شِعْبَ الضلال شِعْبَ الهدى. رواه أبو داود (¬3).
وغَيَّرَ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ حَرْبٍ وحَزْنٍ من أسماء أصحابه (¬4)، فكيف بأسماء الله الحسنى؟!
وذمَّ الله تعالى الذين يجعلون لله ما يكرهون، فلا ينبغي التسامُحُ فيها، والقنوع بأدنى تأملٍ، والتقليد من غير ترجيحٍ، ولا يثبت التصحيح على من أطلق ذلك فلم يُرِدْ إلاَّ الخير، ولكن الأولى أن يجمع بين طيب العبارة وطِيبِ
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه ص 192 من هذا الجزء.
(¬2) في (أ): عنى، وكتبت فوقها على الصواب، وهي كذلك في (ش): غير.
(¬3) أورده أبو داود في " سننه " 5/ 243 لكنه لم يذكر له إسناداً، تركه اختصاراً في جملة أشياء.
(¬4) أما تغيير اسم حرب، فقد أورده أبو داود بغير سند للاختصار فقال في " سننه " (4956): وسمَّى حَرْباً سِلْماً.
وأما تغيير اسم حزن فقد أخرج البخاري (6190)، وابن حبان (5822) وغيرهما من طريق سعيد بن المسيب، عن أبيه، أن أباه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " ما اسمُك؟ " قال: حَزْن، قال: " أنتَ سَهْلٌ قال: لا أُغيِّرُ اسماً سمَّانِيه أبي. قال سعيد: فما زالت الحُزُونةُ فينا بعد. وانظر تمام تخريجه في " صحيح ابن حبان ".

الصفحة 212