كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 7)

اللغة ولا في العُرْف، وإن سُمِّي مانعاً.
وقد يمنع الله العبد من إجابة بعض ما يدعو به من مضرَّةِ العبد، فيعيضه به ما هو خيرٌ له كما ورد مرفوعاً.
وفي الحديث: " إن الله يحمي عبده المؤمن الدنيا كما يحمي أحدُكم مَرِيضَه الماء " (¬1) أو كما ورد.
وفيه: " إن أمر المؤمن كله عجيبٌ: إن سرَّه كان خيراً له، وإن ساءه كان خيراً له ". روى أحمد معناه (¬2).
وروى ابن أبي الحديد في " شرح النهج " أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام: أن قل لعبادي المتسَخِّطِين برزقي يَحْذروا أن أسْخَطَ عليهم، لأفْتَح عليهم الدُّنيا.
وفي كتاب الله تعالى ما يشهد لصحة هذا، وذلك قوله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44]، وكذلك قوله: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 27].
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد 5/ 428 من طريق أبي سلمة، عن عبد العزيز الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد رفعه. " إن الله عز وجل يحمي عبده المؤمن من الدنيا وهو يحبه، كما تحمون مريضكم الطعام والشراب تخافون عليه " وأخرجه الحاكم 4/ 208 وصححه ووافقه الذهبي من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو بهذا الإسناد إلاَّ أنه زاد فيه: عن أبي سعيد الخدري، وصحح إسناده، ووافقه الذهبي، وأخرجه أيضاً 4/ 207 من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عمارة بن غزية، عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد، عن قتادة بن النعمان مرفوعاً بلفظ: " إذا أحب الله عبداً حماه الدنيا كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء ".
(¬2) هو في " المسند " 4/ 332 و333 من حديث صهيب رضي الله عنه، ورواه مسلم في " صحيحه " (2299)، وصححه ابن حبان (2896) وانظر تمام تخريجه فيه.

الصفحة 224