كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 7)

الشرُّ بذلك إذا صحَّ حديث ابن مسعود الذي فيه مرفوعاً: " اللهم إني أسألك من كل خيرٍ خزائنه بيديك، وأعوذ بك من كل شرٍّ خزائنه بيديك " (¬1).
وقد ذكر صاحب " سلاح المؤمن " أن ابن حبان والحاكم أخرجاه، واللفظ للحاكم وصححه وقال: على شرط البخاري.
وهذا يُؤذِنُ بأنه ليس على شرط مسلم، وقد يختلفان في الرجال مثلَ اختلافهما في توثيق عكرمة عن ابن عباس، وأبي (¬2) الزبير عن جابر، الأول شرط البخاري، والثاني شرط مسلم. ويُمكِنُ في مثل هذا الانتقاد فيُحرَّر ذلك، لكن يشهد له عموم: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} الآية [الحجر: 21].
وعلى كل تقديرٍ، فإن كون الشر في خزائنه مثل كونه تحت قدرته، ولا معنى له سوى ذلك، وكونه تحت قدرته اسم مدحٍ وِفاقاً، لأنه من كمال الملك الذي يلزمه الخوف والرجاء، ولا يلزم منه أن يُسَمَّى شرِّيراً قطعاً، وكذلك اسم الضارِّ ولم يلزم من كونه تحت قدرته ومشيئته.
وأين هذا من قول سيد الرسل المترجم عن محامده عزَّ وجلَّ بقوله في الأحاديث الصحاح المتقدمة: " الخير بيديك، والشر ليس إليك " ولو لَزِمَ أن
¬__________
(¬1) أخرجه الحاكم 1/ 525 من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن أبي الصهباء، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن مسعود، وصححه على شرط البخاري، وتعقبه الذهبي بقوله: أبو الصهباء لم يخرج له البخاري. قلت: وعبد الله بن صالح سيىء الحفظ فالسند ضعيف وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " (934) من طريق ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن العلاء بن رؤبة التميمي، عن هاشم بن عبد الله بن الزبير أن عمر بن الخطاب أصابته مصيبة، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... وفي آخره " وأسألك من الخير الذي هو بيدك كله "، وليس فيه: " وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيديك " ورجاله ثقات غير العلاء بن رؤبة وشيخه هاشم، فلا يعرفان بجرح ولا تعديل.
(¬2) في (أ): وابن، وهو تحريف.

الصفحة 226