كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 7)
فثبت أنه ليس في تعذيب الأطفال حديثٌ صحيحٌ صريحٌ.
وذكر السبكي أن سائر الأحاديث ضعيفةٌ، حتى حديث عائشة الذي خرجه مسلمٌ في " الصحيح " (¬1)، وفي متنه " عُصفُورٌ من عصافير الجنة "، وقد قدحوا على مسلمٍ لتخريجه، ممن قدح بذلك القرطبي في " تفسيره " وغيره.
وبالجملة، فإن مسلماً وغيره ممن روى الحديث خرَّجوه من حديث طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله التيميِّ الكوفيِّ، وهو متكلَّمٌ عليه كثيراً، ولم يُتابِعْهُ على الحديث غيره (¬2). وقد قال البخاري: إنه منكر الحديث، وقال يحيى القطان، والنسائي، وابن معين في رواية: ليس بالقوي (¬3)، وقد وثَّقه ابن معين، وغيره، ولكن لا يرتقي مع هذا الاختلاف إلى مرتبة رجال الصحيح، وغايته أن يكون مِمَّن يُقْبَلُ حديثه مع الشواهد والتوابع، فأمَّا مع الشُّذوذ، فلا.
وقد ذكر الذهبي في " الميزان " (¬4) أنه تفرَّد بأول الحديث، وهو الذي يخصُّ الأطفال دون آخره.
ولعلَّ مسلماً إنما أخرج الحديث، لثبوت الشواهد على آخر، لكن في أوله
¬__________
= وابن معين وأبو حاتم والنسائي والعجلي، ويعقوب بن شيبة وقال الإمام أحمد: لا يُسأل عن مثله. وقال الآجري عن أبي داود: إلاَّ أنه خولف في غير حديث، وقال ابن حبان: وقد روى عن أنس خمسة أحاديث لم يسمعها منه وكان داود من خيار أهل البصرة من المتقنين في الروايات إلاَّ أنه كان يهم إذا حدَّث من حفظه، ولا يستحق الإنسان الترك بالخطأ اليسير يخطىء، والوهم اليسير يهم حتى يفحش ذلك منه، لأن هذا مما لا ينفك من البشر، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك جماعة من الثقات الأئمة لأنهم لم يكونوا معصومين من الخطأ بل الصواب في هذا ترك من فحش ذلك منه والاحتجاج بمن كان فيه لا ينفك من البشر، ووثقه ابن حجر وأشار إلى أنه كان يهم بأخرة.
(¬1) تقدم تخريجه 6/ 403.
(¬2) قلت: تابعه عليه فضيل بن عمرو عند مسلم وغيره، وهو ثقة.
(¬3) انظر " ميزان الاعتدال " 2/ 343.
(¬4) 2/ 343.
الصفحة 251
330