كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 7)

28]، وقوله تعالى في الحكاية عن المشركين: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23]، وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى موسى صلوات الله عليه في قبره قائماً يُصلي (¬1).
وأحاديث الفتنة في القبر والضَّمَّة فيه تؤيِّد ذلك كما سيأتي في المسألة الثانية.
وفي " الصحيح " من حديث ابن مسعود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " آخر من يدخل الجنة رجلٌ يمشي مرة ويكبو مرة، وتسفَعُه النار مرةً، فإذا ما جاوزها، التفت إليها، وقال: تبارك الذي نجَّاني منك، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاهُ أحداً من الأولين والآخرين، فتُرْفَعُ له شجرةٌ، فيقول: يا رب، أدنِني من هذه الشجرة، فيعاهده أن لا يسأله غيرها، ثم تُرفَعُ شجرةٌ هي أحسن من الأُولى، فيقول: يا رب، أدنني من هذه الشجرة، فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها، وربُّه يعذِرُه، لأنه يرى ما لا صبر له عليه ". الحديث (¬2).
وفي " الصحيح " عن أبي سعيد بنحوه (¬3) وهو مشهور، وهو يرد على الحليميِّ وابن عبد البر، والله أعلم.
ومذهب البغدادية من المعتزلة أن معرفة الله في الآخرة استدلاليةٌ، وألزموا جواز التكليف في الآخرة فالتزمهم شيخهم أبو القاسم البلخي، فهذا هو الخطأ قطعاً، لا قول أهل السُّنَّة.
وفي " البخاري " (¬4) من حديث أبي سعيدٍ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يجيء نوحٌ، فيقول الله: هل بلَّغْتَ؟ فيقول: نعم، أي رب، فيقول لأمته: هل
¬__________
(¬1) روى أحمد 3/ 148 و248، ومسلم (2375)، والنسائي 3/ 215 و216، وابن حبان (49) و (50) من حديث أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " مررت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر ".
(¬2) تقدم تخريجه 5/ 91 - 94.
(¬3) تقدم أيضاً 5/ 84 - 86.
(¬4) (3339) و (4487) و (7349)، ورواه أيضاً أحمد 3/ 32، وابن ماجه (4284).

الصفحة 259