كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 7)

القرآن العظيم على الذين يقولون: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر: 10]، وجاء في النهي عن التباغض ما لا يخفى (¬1)، وجاء في " الصحيح ": " بحسب امرىء من السوء أن يحقر أخاه المسلم " (¬2).
المسأله الثانية مما يتوهم مخالفتهم فيه: تعذيب المسلم الميت ببكاء الحي عليه.
والجواب عنهم من وجوه:
الأول: أن منهم من تأول ذلك بالوصية ونحوها، منهم البخاري في " الصحيح، (¬3) والخطابي (¬4)، وحكاه عنه ابن الأثير في شرح غريب حرف الميم (¬5)، والنواوي في " رياض الصالحين " (¬6)، وفي " الروضة " (¬7) ذكره في كتاب الجنائز منها. وقال في " شرح مسلم " (¬8) في كتاب الجنائز منه: إنه قول الجمهور، وإنه الصحيح. قال: وقالوا: فأما من بكى عليه أهله من غير وصيةٍ منه فلا يعذب، لقوله تعالى: {ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى} [الإسراء: 15]، قالوا:
¬__________
(¬1) روى مالك في " الموطأ " 2/ 907، ومن طريقه البخاري (6076)، وفي " الأدب المفرد " (398)، ومسلم (2559) (23)، وأبو داود (4910)، وابن حبان (5660)، وأبو نعيم في " الحلية " 3/ 374، والبغوي (3522) من حديث أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ".
(¬2) حديث صحيح، وقد تقدم تخريجه 1/ 189.
(¬3) في الجنائز: باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه ".
(¬4) في " معالم السنن " 1/ 303.
(¬5) من " جامع الأصول " 11/ 93 - 94.
(¬6) ذكر الإمام النووي الحديث في " رياض الصالحين " ص 625 بتحقيقنا تحت باب تحريم النياحة على الميت ولم يعلق عليه بشيء.
(¬7) 2/ 145 بتحقيقنا مع صاحبنا العلامة الشيخ عبد القادر الأرنؤوط.
(¬8) 6/ 228 - 229.

الصفحة 276