كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 7)
بينهما مخافة صريح الكفر في تجويز الكذب على الله، تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
قال الشهرستاني في " نهاية الإقدام " ما لفظه: ونحن لا ننكر أن أفعال الله تعالى توجهت إلى الصلاح ولم يخلق الخلق لأجل الفساد، ولكن الحامل له ما كان صلاحاً يرتقبه ولا خيراً يتوقعه، بل لا حامل له.
قلت: تعبيره بالحامل والارتقاب والتوقع (¬1) قبيح، ولو لم يقبح إلاَّ لكونه يوهم أن المخالفين له يُجَوِّزُون هذه العبارات القبيحة على الله تعالى. فكيف يوهم ذلك، ويستغلط الناظر في كلامه، فلو عبَّر بالحكمة، أصاب الحق ولم يوهم الباطل، {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِه} [الأعراف: 180].
وقد اعترفت الأشعرية أن الله تعالى لا يفعل إلاَّ بالإرادة، ولم يسموها حاملاً له تعالى على الفعل. فكذلك قال: إنه لا يفعل إلاَّ بحكمة لا يلزمه تسميتها حاملاً، على أن هذه العبارة مجازية، ولا مانع من حقيقتها، وليس تعتبر الأسماء بغير المعاني الصحيحة بالإجماع.
قال: وفرقٌ بين لزوم الخير والصلاح لأوضاع الأفعال، وبين حمل الخير والصلاح على وضع الأفعال.
قلت: مجموعهما أكمل وأفضل، وعلى ذلك الشرع المُنَزَّل والعقل الأول.
قال: كما تفرق فرقاً ضرورياً بين الكمال الذي يلزم وجود الشيء، وبين الكمال الذي يستدعي وجود الشيء، فإن الأول فضيلة هي كالصفة اللازمة، والثاني فضيلة هي كالعلة الحاملة.
قلت: فضيلتان أكمل من فضيلةٍ، وتعطيل الرب من إحدى الفضيلتين هفوةٌ جليلةٌ، فجدوى هذا التمثيل قليلةٌ.
¬__________
(¬1) تحرفت في (ش) إلى: " والترفع ".
الصفحة 285
330