كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 7)

يجب لمجرد كونه (¬1) كذباً، ولا نفع (¬2) لذلك عند جميع العقلاء، فيجب في من هذه حاله اعتقاد صدقه.
ومن ذلك قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} الآية [الزخرف: 33] وذلك يدلُّ على أن الداعي إلى الكفر لو كان راجحاً للجميع، لوقع من الجميع.
ونحو ذلك قوله تعالى: {ولو بَسَطَ الله الرِّزْقَ لِعِبادِه لبَغَوا في الأرضِ} [الشورى: 27].
ومنه قوله تعالى: {مَا يَفْعَلُ الله بِعَذَابِكُم إنْ شَكَرتُم وآمَنْتُمْ} [النساء: 147].
ومن ألطفه قوله تعالى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (153) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [الصافات: 153 - 154] فإنه مع بنائه على أن المرجوح لا يقع مبنيٌّ على لطيفةٍ أخرى: وهي أن تفضيل الذكور على الإناث عقلي لما يلزم الذكور من المنافع الراجحة، والخصال الحسنة المحمودة.
ومثلها قوله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: 18]. وقد كانت العرب تعرف هذا ومن لا يعرف النظر الدقيق، ولهذا قال علماء المعاني في قول الشاعر (¬3):
¬__________
(¬1) في (ش): لكونه، وهو خطأ.
(¬2) في (ش): يصح.
(¬3) هو الحارث بن حِلِّزة اليشكري، شاعر قديم مشهور، من المقلِّين، وهو صاحب الجاهلية السائرة:
آذنَتْنا بِبَيْنِها أسماءُ ... رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ منه الثَّواءُ
يقال: إنه ارتجلها بين يدي عمرو بن هند ارتجالاً في شيء كان بين بكر وتغلِب بعد الصلح.
وهو آخر بيت من قصيدة مطلعها:
مَنْ حاكمٌ بيني وبيـ ... ـن الدَّهرِ مالَ عليَّ عَمْدا =

الصفحة 83