كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 7)

فَرْعٌ
قَالَ الْأَصْحَابُ: التَّغْرِيرُ الْمُؤَثِّرُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مَقْرُونًا بِالْعَقْدِ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ فَلَوْ سَبَقَ الْعَقْدُ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَلَا فِي الْخِيَارِ. وَقِيلَ: يُؤَثِّرُ فِيهِمَا.
وَأَمَّا الرُّجُوعُ بِالْمَهْرِ، إِذَا قَضَيْنَا بِالرُّجُوعِ عَلَى الْغَارِّ، فَقَالَ الْغَزَالِيُّ: التَّغْرِيرُ السَّابِقُ كَالْمُقَارِنِ، وَحَقَّقَهُ الْإِمَامُ فَقَالَ: لَا يُشْتَرَطُ فِي حُصُولِ التَّغْرِيرِ دُخُولُ الشَّرْطِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَلَا صُدُورُهُ مِنَ الْعَاقِدِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُ بِالْعَقْدِ. فَلَوْ قَالَ: فُلَانَةٌ حُرَّةٌ فِي مَعْرِضِ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ، ثُمَّ زَوَّجَهَا عَلَى الِاتِّصَالِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وَلَايَةٍ، فَهُوَ تَغْرِيرٌ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِقَوْلِهِ تَحْرِيضَ سَامِعٍ، وَاتَّفَقَ بَعْدَ أَيَّامٍ أَنَّهُ زَوَّجَهَا لِمَنْ سَمِعَ كَلَامَهُ، فَلَيْسَ مَا جَرَى تَغْرِيرًا، وَإِنْ ذَكَرَهُ لَا فِي مَعْرِضِ التَّحْرِيضِ، وَجَرَى الْعَقْدُ عَلَى الِاتِّصَالِ أَوْ ذَكَرَهُ فِي مَعْرِضِ التَّحْرِيضِ، وَجَرَى الْعَقْدُ بَعْدَ زَمَانٍ فَاصِلٍ، فَفِي كَوْنِهِ تَغْرِيرًا تَرَدُّدٌ، وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يُعْتَبَرُ الِاتِّصَالُ بِالْعَقْدِ عَلَى مَا أَطْلَقَهُ الْغَزَالِيُّ ; لِأَنَّ تَعَلُّقَ الضَّمَانِ أَوْسَعُ بَابًا.
فَصْلٌ
إِذَا غَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ وَصَحَّحْنَا النِّكَاحَ، فَأَوْلَادُهُ الْحَاصِلُونَ مِنْهَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِرِقِّهَا أَحْرَارٌ لِظَنِّهِ الْحُرِّيَّةَ، سَوَاءٌ أَجَازَ الْعَقْدَ أَوْ فَسَخَهُ، إِذَا خَيَّرْنَاهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَغْرُورُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الظَّنِّ، ثُمَّ عَلَى الْمَغْرُورِ قِيمَةُ الْأَوْلَادِ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ عَلَى

الصفحة 187