كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 7)

هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ النَّاظِرُ بَالِغًا فَحْلًا، وَالْمَنْظُورُ إِلَيْهَا حُرَّةً كَبِيرَةً أَجْنَبِيَّةً. ثُمَّ الْكَلَامُ فِي سِتِّ صُوَرٍ.
إِحْدَاهَا: الطِّفْلُ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ، لَا حِجَابَ مِنْهُ. وَفِي الْمُرَاهِقِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَهُ النَّظَرُ، كَمَا لَهُ الدُّخُولُ بِلَا اسْتِئْذَانٍ إِلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، فَعَلَى هَذَا، نَظَرُهُ كَنَظَرِ الْمَحَارِمِ الْبَالِغِينَ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّ نَظَرَهُ كَنَظَرِ الْبَالِغِ إِلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، لِظُهُورِهِ عَلَى الْعَوْرَاتِ. وَنَزَّلَ الْإِمَامُ أَمْرَ الصَّبِيِّ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ. إِحْدَاهَا: أَنْ لَا يَبْلُغَ أَنْ يَحْكِيَ مَا يَرَى. وَالثَّانِيَةُ: يَبْلُغُهُ وَيَكُونُ فِيهِ ثَوَرَانُ شَهْوَةٍ وَتَشَوُّفٌ. وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ فِيهِ ذَلِكَ. فَالْأَوَّلُ حُضُورُهُ كَغَيْبَتِهِ، وَيَجُوزُ التَّكَشُّفُ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَالثَّانِي: كَالْمَحْرَمِ. وَالثَّالِثُ: كَالْبَالِغِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِ، وَإِذَا جَعَلْنَاهُ كَالْبَالِغِ، فَمَعْنَاهُ يَلْزَمُ الْمَنْظُورَ إِلَيْهَا الِاحْتِجَابُ مِنْهُ، كَمَا يَلْزَمُهَا الِاحْتِجَابُ مِنَ الْمَجْنُونِ قَطْعًا.
قُلْتُ: وَإِذَا جَعَلْنَا الصَّبِيَّ كَالْبَالِغِ، لَزِمَ الْوَلِيَّ أَنْ يَمْنَعَهُ النَّظَرَ، كَمَا يَلْزَمُ أَنْ يَمْنَعَهُ الزِّنَا وَسَائِرَ الْمُحَرَّمَاتِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الثَّانِيَةُ: فِي الْمَمْسُوحِ وَجْهَانِ. قَالَ الْأَكْثَرُونَ: نَظَرُهُ إِلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، كَنَظَرِ الْفَحْلِ إِلَى الْمَحَارِمِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ)
[الْأَحْزَابِ: 31] . وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَالْفَحْلِ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ، لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا.

الصفحة 22