كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 7)

الْخَامِسَةُ: فِي النَّظَرِ إِلَى الصَّبِيَّةِ، وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ. وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَوْرَتِهَا وَغَيْرِهَا، لَكِنْ لَا يَنْظُرُ إِلَى الْفَرْجِ.
قُلْتُ: جَزَمَ الرَّافِعِيُّ، بِأَنَّهُ لَا يَنْظُرُ إِلَى فَرْجِ الصَّغِيرَةِ. وَنَقَلَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ قَطَعَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِجَوَازِ النَّظَرِ إِلَى فَرْجِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى، وَالصَّغِيرِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الصَّغِيرِ إِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ. وَذَكَرَ الْمُتَوَلِّي فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ الْجَوَازُ، لِتَسَامُحِ النَّاسِ بِذَلِكَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَأَنَّ إِبَاحَةَ ذَلِكَ تَبْقَى إِلَى بُلُوغِهِ سِنَّ التَّمْيِيزِ، وَمَصِيرُهُ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ سَتْرُ عَوْرَتِهِ عَنِ النَّاسِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا الْعَجُوزُ، فَأَلْحَقَهَا الْغَزَالِيُّ بِالشَّابَّةِ، لِأَنَّ الشَّهْوَةَ لَا تَنْضَبِطُ، وَهِيَ مَحَلُّ الْوَطْءِ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: إِذَا بَلَغَتْ مَبْلَغًا يُؤْمَنُ الِافْتِتَانُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا، جَازَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ) الْآيَةَ [النُّورِ: 6] .
السَّادِسَةُ: الْمَحْرَمُ لَا يَنْظُرُ إِلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَلَهُ النَّظَرُ إِلَى مَا سِوَاهُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَفِي وَجْهٍ: أَنَّهُ يُبَاحُ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ. وَهَلِ الثَّدْيُ زَمَنَ الْإِرْضَاعِ مِمَّا يَبْدُو؟ وَجْهَانِ. وَسَوَاءٌ الْمُحَرَّمُ بِالنَّسَبِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَالرَّضَاعِ، وَقِيلَ: لَا يَنْظُرُ بِالْمُصَاهَرَةِ وَالرَّضَاعِ إِلَّا إِلَى الْبَادِي فِي الْمِهْنَةِ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
قُلْتُ: وَيَجُوزُ لِلْمَحْرَمِ الْخَلْوَةُ وَالْمُسَافَرَةُ بِهَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الضَّرْبُ الثَّانِي: نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى الرَّجُلِ، وَهُوَ جَائِزٌ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ، إِلَّا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، لَكِنْ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَى الْأَمْرَدِ وَغَيْرِهِ بِالشَّهْوَةِ، وَكَذَا النَّظَرُ إِلَى الْمَحَارِمِ وَسَائِرِ الْمَذْكُورَاتِ فِي الضَّرْبِ السَّابِقِ بِالشَّهْوَةِ حَرَامٌ قَطْعًا. وَلَا يَحْرُمُ

الصفحة 24