كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 7)

وَقَدْ يَحْرُمُ الْمَسُّ دُونَ النَّظَرِ، فَيَحْرُمُ مَسُّ وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَإِنْ جَازَ النَّظَرُ، وَمَسُّ كُلِّ مَا جَازَ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَحَارِمِ وَالْإِمَاءِ، بَلْ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ مَسُّ بَطْنِ أُمِّهِ وَلَا ظَهْرِهَا، وَلَا أَنْ يَغْمِزَ سَاقَهَا وَلَا رِجْلَهَا، وَلَا أَنْ يُقَبِّلَ وَجْهَهَا، حَكَاهُ الْعَبَّادِيُّ عَنِ الْقَفَّالِ. قَالَ: وَكَذَا لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْمُرَ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ بِغَمْزِ رِجْلِهِ. وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْعَجَائِزُ اللَّاتِي يُكَحِّلْنَ الرِّجَالَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مُرْتَكِبَاتٌ لِلْحَرَامِ.
فَرْعٌ
لَا يَجُوزُ أَنْ يُضَاجِعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ، وَلَا الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي جَانِبٍ مِنَ الْفِرَاشِ، وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوِ الصَّبِيَّةُ عَشْرَ سِنِينَ، وَجَبَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ وَأَبِيهِ وَأُخْتِهِ وَأَخِيهِ فِي الْمَضْجَعِ.
فَرْعٌ
يُسْتَحَبُّ مُصَافَحَةُ الرَّجُلِ الرَّجُلَ، وَالْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَتُكْرَهُ الْمُعَانَقَةُ وَالتَّقْبِيلُ، إِلَّا تَقْبِيلَ الْوَلَدِ شَفَقَةً. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ: لَا بَأْسَ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ رَأْسَ الرَّجُلِ وَمَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ تَبَاعُدِ لِقَائِهِ.
قُلْتُ: الْمُخْتَارُ أَنَّ تَقْبِيلَ يَدِ غَيْرِهِ إِنْ كَانَ لِزُهْدِهِ وَصَلَاحِهِ أَوْ عِلْمِهِ أَوْ شَرَفِهِ وَصِيَانَتِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ. وَإِنْ كَانَ لِغِنَاهُ وَدُنْيَاهُ وَشَوْكَتِهِ وَوَجَاهَتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَمَكْرُوهٌ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ: لَا يَجُوزُ. وَتَقْبِيلُ الصِّغَارِ شَفَقَةً سُنَّةٌ، سَوَاءٌ وَلَدُهُ وَوَلَدُ غَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِشَهْوَةٍ. وَالسُّنَّةُ مُعَانَقَةُ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ وَتَقْبِيلُهُ. وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ، وَيُكْرَهُ حَنْيُ الظَّهْرِ فِي كُلِّ حَالٍ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَلَا بَأْسَ بِالْقِيَامِ لِأَهْلِ الْفَضْلِ،

الصفحة 28