كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 7)

الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، زَوَّجْتُكَ، فَقَالَ الزَّوْجُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، قَبِلْتُ نِكَاحَهَا، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ، لِلْفَصْلِ، وَالصَّحِيحُ صِحَّتُهُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَقَالُوا: لِلنِّكَاحِ خُطْبَتَانِ مَسْنُونَتَانِ، إِحْدَاهُمَا تَتَقَدَّمُ الْعَقْدَ، وَالثَّانِيَةُ تَتَخَلَّلُهُ، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ: بِسْمِ اللَّهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، زَوَّجْتُكَ فُلَانَةً، ثُمَّ يَقُولُ الزَّوْجُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَقُولُ: قَبِلْتُ. ثُمَّ قَالَ الْأَصْحَابُ: مَوْضِعُ الْوَجْهَيْنِ إِذَا لَمْ يَطُلِ الذِّكْرُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ طَالَ، فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ قَطْعًا. وَلَوْ تَخَلَّلَ كَلَامٌ يَسِيرٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْعَقْدُ وَلَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ، بَطَلَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ: زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ الْعَظِيمُ، مِنْ إِمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ. وَهَذَا إِنْ ذَكَرَاهُ قَبْلَ الْعَقْدِ، فَذَاكَ. وَإِنْ قَيَّدَ الْوَلِيُّ الْإِيجَابَ بِهِ، وَقَبِلَ الزَّوْجُ مُطْلَقًا أَوْ ذَاكِرًا لَهُ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَبْطُلُ النِّكَاحُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، لِأَنَّهُ شَرْطُ الطَّلَاقِ عَلَى أَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ. وَأَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ، لِأَنَّ كُلَّ زَوْجٍ مَأْخُوذٌ بِهِ بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ، فَهُوَ ذِكْرٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ. وَفَصَلَ الْإِمَامُ فَقَالَ: إِنْ أَجْرَيَاهُ شَرْطًا مُلْزِمًا، فَالْوَجْهُ الْبُطْلَانُ. وَإِنْ قَصَدَا الْوَعْظَ دُونَ الْإِلْزَامِ، لَمْ يَضُرَّ. وَإِنْ أَطْلَقَا، احْتَمَلَ وَاحْتَمَلَ، وَقَرِينَةُ الْحَالِ تَقْتَضِي الْوَعْظَ.
فَرْعٌ
يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ لِلزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَيُقَالُ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، وَبَارَكَ عَلَيْكَ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ.

الصفحة 35