كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 7)

الاستواء على الراحلة وبعد السير إذا لم يكن في ذي الحليفة.
ودليله حديث جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: «ثم ركب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتى إذا استوت به راحلته على البيداء أهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك» (¬1)، وحديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ في «الصحيحين»، وحديث جابر ـ رضي الله عنه ـ في مسلم، فهل بينهما تعارض؟
الجواب: ليس بينهما تعارض؛ لأنهما يحملان على أن جابراً ـ رضي الله عنه ـ لم يسمع التلبية إلا حين استوت راحلة النبي صلّى الله عليه وسلّم به على البيداء، وابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ سمعه يلبي حين استوى على راحلته، فنقل كل منهما ما سمع.
بقي ما رواه النسائي: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أهلَّ دبر الصلاة» (¬2)، وهذا يدل على أنه أهل بعد الصلاة.
فيقال: دبر الصلاة ما كان بعدها، واستواؤه على راحلته كان دبر الصلاة، وحتى إذا علت به راحلته على البيداء فهو دبر صلاة.
لكن روى أهل السنن عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بسند فيه نظر أنه جمع بين الروايات المختلفة، وقال: «إن الناس
¬__________
(¬1) سبق تخريجه ص (76).
(¬2) أخرجه الإمام أحمد (1/ 285)؛ والترمذي في الحج/ باب ما جاء متى أحرم النبي صلّى الله عليه وسلّم (819)؛ والنسائي في الحج/ باب العمل في الإهلال (5/ 162)؛ عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب»، وقال ابن حجر في «التلخيص» (1001): «في إسناده خصيف، وهو مختلف فيه»، وانظر: «نصب الراية» (3/ 21).

الصفحة 102