نقل كل واحد منهم ما سمع، وإن النبي صلّى الله عليه وسلّم لبى بعد الصلاة، فسمعه أناس فقالوا: أهلَّ دبر الصلاة، ولبى حين ركب، فسمعه أناس فقالوا: لبى حين ركب، وسمعه ناس حين استوت به راحلته على البيداء، فقالوا: لبى حين استوت به راحلته على البيداء» (¬1)، وهذا الحديث لولا ما قيل في سنده لكان وجهه ظاهراً؛ لأنه يجمع بين الروايات.
ولكن نحن جربنا فائدة كونه لا يلبي إلا إذا ركب؛ لأنه أحياناً يتذكر الإنسان شيئاً كطيب أو شبهه، فإذا قلنا: أحرم بعد الصلاة لم يتمكن من استعمال الطيب بعد الإحرام، لكن إذا قلنا: لا تلبِّ ولا تحرم إلا بعد الركوب حصل في ذلك فسحة، إلا إذا صح حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، فإنه يبدأ بالتلبية عقب الصلاة.
وقوله: «قال: لبيك اللهم لبيك»، هذه التلبية عظيمة جداً أطلق عليها جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ التوحيد قال: «حتى إذا استوت به ناقته على البيداء أهل بالتوحيد» (¬2)، والتوحيد هو الذي دعت إليه جميع الرسل، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ *} [الأنبياء].
ولبيك كلمة إجابة، والدليل على هذا ما ورد في الصحيح:
¬__________
(¬1) أخرجه الإمام أحمد (1/ 260)؛ وأبو داود في المناسك/ باب في وقت الإحرام (1770)؛ وضعفه المنذري في «تهذيب السنن» (1696).
(¬2) سبق تخريجه ص (76).