كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 7)

«أن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا آدم، فيقول: لبيك» (¬1)، وتحمل معنى الإقامة من قولهم ألبَّ بالمكان، أي: أقام فيه، فهي متضمنة للإجابة والإقامة، الإجابة لله، والإقامة على طاعته؛ ولهذا فسرها بعضهم بقوله: لبيك، أي: أنا مجيب لك مقيم على طاعتك، وهذا تفسير جيد.
فإذا قال قائل: أين النداء من الله حتى يجيبه المحرم؟
قلنا: هو قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً} [الحج: 27]، أي: أعلم الناس بالحج أو ناد فيهم بالحج {يَأْتُوكَ رِجَالاً}، أي: على أرجلهم، وليس المعنى ضد الإناث، والدليل على أنهم على أرجلهم ما بعدها {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27].
وهذه قاعدة مفيدة في التفسير، فإنه قد يعرف معنى الكلمة بما يقابلها.
ومثلها قوله تعالى ـ وهو أخفى من الآية التي معنا ـ {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} [النساء: 71] فمعنى ثبات متفرقين، مع أن ثبات يبعد جداً أن يفهمها الإنسان بهذا المعنى، لكن لما ذكر بعدها {أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} علم أن المراد بالثبات المتفرقون.
والتثنية في التلبية هل المقصود بها حقيقة التثنية، أي أجبتك مرتين، أو المقصود بها مطلق التكثير؟
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء/ باب قصة يأجوج ومأجوج (3348) ومسلم في الإيمان/ باب قوله: «يقول الله لآدم» (222) عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ.

الصفحة 104