كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 7)

وقول المؤلف: «وعمرته من الحل»، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم أن من كان في مكة، وأراد العمرة، فإنه يحرم من الحل.
ودليل هذا أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لما طلبت منه عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن تعتمر أمر أخاها عبد الرحمن ـ رضي الله عنه ـ وقال: «اخرج بأختك من الحرم، فلتهل بعمرة من الحل» (¬1)، فدل ذلك على أن الحرم ليس ميقاتاً للعمرة، ولو كان ميقاتاً للعمرة، لم يأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم عبد الرحمن بن أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ أن يخرج بأخته، ويتجشم المصاعب في تلك الليلة لتحرم من الحل؛ لأنه من المعلوم أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم يتبع ما هو أسهل ما لم يمنعه منه الشرع، فلو كان من الجائز أن يحرم بالعمرة من الحرم لقال لها: أحرمي من مكانك.
فإن قال قائل: ماذا تقولون في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة» (¬2)، ثم ذكر المواقيت وقال: «من كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة» (¬3)، مع أنه قال في الحديث: «ممن أراد الحج أو العمرة» (¬4)، فظاهر العموم أن العمرة لأهل مكة تكون من مكة؟
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في الحج/ باب قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (1560)؛ ومسلم في الحج/ باب بيان وجوه الإحرام (1211) (112) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
(¬2) أخرجه البخاري في الحج/ باب ميقات أهل المدينة (1525)؛ ومسلم في الحج/ باب مواقيت الحج (1182) عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ.
(¬3) سبق تخريجه ص (47).
(¬4) سبق تخريجه ص (47).

الصفحة 51