كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 7)

وَأَفْضَلُ الأنسَاكِ التَّمَتُّعُ ..................

قوله: «وأفضل الأنساك التمتع» (¬1).
أفادنا ـ رحمه الله ـ أن هناك أنساكاً متعددة؛ لأن «الأنساك» جمع، وأقل الجمع ثلاثة، فهنا أنساك ثلاثة: التمتع، والإفراد، والقران؛ وذلك أن الإنسان إما أن يحرم بالعمرة وحدها، أو بالحج وحده، أو بهما، لا رابع لها، وهذا وجه انحصار الأنساك في هذه الثلاثة، فإن أحرم بالعمرة وحدها فمتمتع، ولكن بالشروط التي ستُذكر، وبالحج وحده فهو مفرد، وبهما جميعاً فهو قارن، ويدل على تنوع الأنساك إلى هذه الأنواع حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «حججنا مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم فمنا من أهلَّ بحج، ومنا من أهلَّ بعمرة، ومنا من أهلَّ بحجة وعمرة، وأهلَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالحج» (¬2)، وقولها: «بالحج» يحمل على أنه بالحج من حيث الأفعال، لا من حيث الأحكام، لأنه صلّى الله عليه وسلّم كان قارناً.
وقيل: أحرم بالحج أولاً، ثم أردفه بالعمرة، وسنذكر هذا ـ إن شاء الله تعالى ـ في صفة القران.
وقوله: «وأفضل الأنساك التمتع» الدليل على هذا:
أولاً: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «أمر أصحابه حين فرغوا من الطواف والسعي أن يحلوا، ويجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي»، وكان من ساق الهدي في تلك الحجة قلة، وقد حتم الرسول صلّى الله عليه وسلّم على أصحابه حيث قال حين أكمل السعي: «من لم يسق الهدي
¬__________
(¬1) وهو المذهب.
(¬2) أخرجه البخاري في الحج/ باب التمتع (1562)؛ ومسلم في الحج/ باب بيان وجوه الإحرام (1211) (118).

الصفحة 76