كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 7)

قَالَ ابْنُ قُدَيْدٍ: " وَكُنْتُ عِنْدَهُ يَوْمًا جَالِسًا فِي الْبَيْتِ , فَأُهْدِيَتْ إِلَيْهِ فَاكِهَةٌ , وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ فِي الْبَيْتِ , فَقَالَ: يَا ابْنَ قُدَيْدٍ , §دَعْهُ لَا آكُلُ لَا أَنَا , وَلَا أَنْتَ مِنْهُ شَيْئًا , وَيَأْكُلُهُ أَصْحَابُنَا , قَالَ: فَأَكَلَهُ أَصْحَابُنَا وَلَمْ نَذُقْهُ "
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى، - رَفِيقُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ - قَالَ: " سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ، - وَنَزَلْنَا مَنْزِلًا - فَسَأَلْتُهُ عَنْ §سَقْفِ الْبَيْتِ، مَا هُوَ؟ بِحِجَارَةٍ أَمْ خَشَبٍ؟ فَقَالَ: مَا أَدْرِي وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْجَارِيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَخْدُمُنَا: سَوْدَاءُ هِيَ أَمْ بَيْضَاءُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي "
وَأُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَوَادَةَ، ثنا نَصْرُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمِصِّيصِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: " وَرَدَ إِبْرَاهِيمُ، الْمِصِّيصَةَ , فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ , فَطَلَبَهُ , فَقِيلَ لَهُ وَهُوَ خَارِجٌ فَقَالَ: §أَعْلِمُوهُ إِذَا أَتَى أَنَّ أَخَاهُ إِبْرَاهِيمَ طَلَبَهُ , وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى مَرْجِ كَذَا وَكَذَا يَرْعَى فَرَسَهُ , فَمَضَى إِلَى ذَلِكَ الْمَرْجِ , فَإِذَا النَّاسُ يَرْعَوْنَ دَوَابَّهُمْ , فَرَعَى حَتَّى أَمْسَى , فَقَالُوا لَهُ: ضُمَّ فَرَسَكَ إِلَى دَوَابِّنَا , فَإِنَّ السِّبَاعَ تَأْتِينَا , فَأَبَى، وَتَنَحَّى نَاحِيَةً , فَأَوْقَدُوا النِّيرَانَ حَوْلَهُمْ , ثُمَّ أَخَذُوا فَرَسًا لَهُمْ صُؤُولًا , فَأَتَوْهُ بِهِ وَفِيهِ شِكَالَانِ , يَقُودُونَهُ بَيْنَهُمْ , فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ فِي دَوَابِّنَا رِمَاكًا، أَوْ حُجُورًا , فَلْيَكُنْ هَذَا عِنْدَكَ , قَالَ: وَمَا يُصْنَعُ بِهَذِهِ الْحِبَالِ؟ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَأَدْخَلَ يَدَهُ بَيْنَ فَخِذِهِ , فَوَقَفَ لَا يَتَحَرَّكُ , فَتَعَجَّبُوا مِنْ ذَلِكَ لِامْتِنَاعِهِ , فَقَالَ لَهُمُ: اذْهَبُوا , فَجَلَسُوا يَرْمُقُونَ مَا يَكُونُ مِنْهُ وَمِنَ السِّبَاعِ , فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ يُصَلِّي وَهُمْ يَنْظُرُونَ , فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ أَتَتْهُ أُسْدٌ ثَلَاثَةٌ يَتْلُو بَعْضُهَا بَعْضًا , فَتَقَدَّمَ الْأَوَّلُ إِلَيْهِ فَشَمَّهُ وَدَارَ بِهِ ثُمَّ تَنَحَّى نَاحِيَةً فَرَبَضَ , وَفَعَلَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ كَفِعْلِ الْأَوَّلِ , وَلَمْ يَزَلْ إِبْرَاهِيمُ يُصَلِّي لَيْلَتَهُ قَائِمًا , حَتَّى إِذَا كَانَ السَّحَرُ قَالَ لِلْأُسْدِ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ تُرِيدُونَ أَنْ تَأْكُلُونِي؟ امْضُوا فَقَامَتِ الْأُسْدُ فَذَهَبَتْ , فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ جَاءَ الْفَزَارِيُّ إِلَى أُولَئِكَ , فَسَأَلَهُمْ فَقَالَ: أَجَاءَكُمْ رَجُلٌ؟ قَالُوا: أَتَانَا رَجُلٌ مَجْنُونٌ , وَأَخْبَرُوهُ بِقِصَّتِهِ، وَأَرَوْهُ , فَقَالَ: أَوَ تَدْرُونَ مَنْ هُوَ؟ قَالُوا: لَا , قَالَ: هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ , فَمَضَوْا مَعَهُ إِلَيْهِ فَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ , ثُمَّ انْصَرَفَ -[393]- بِهِ الْفَزَارِيُّ إِلَى مَنْزِلِهِ , فَمَرَّا بِرَجُلٍ قَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ سَأَلَهُ مِقْوَدًا يَبِيعَهُ , سَاوَمَهُ بِهِ دِرْهَمًا وَدَانِقَيْنِ , فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلْفَزَارِيِّ: تُرِيدُ هَذَا الْمِقْوَدَ؟ فَقَالَ الْفَزَارِيُّ لِصَاحِبِ الْمِقْوَدِ: بِكَمْ هَذَا؟ قَالَ: بِأَرْبَعَةِ دَوَانِيقَ , فَدَفَعَ إِلَيْهِ , وَأَخَذَ الْمِقْوَدَ , فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلْفَزَارِيِّ: أَرْبَعَةُ دَوَانِيقَ فِي دِينِ مَنْ هُوَ؟ "

الصفحة 392