كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 7)

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، صَاحِبُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ، وَأَصْحَابُهُ §يَمْنَعُونَ أَنْفُسَهُمْ أَرْبَعًا: لَذَّةَ الْمَاءِ , وَالْحَمَّامَاتِ , وَالْحِذَاءِ , وَلَا يَجْعَلُونَ فِي الْمِلْحِ أَبْزَارًا "
حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْعَسْكَرِيُّ , ثنا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الضَّيْفِ، ثنا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ عِيسَى , عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " خَرَجْتُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، إِلَى مَكَّةَ - وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ لَمْ يَأْخُذْ عَلَى الطَّرِيقِ - قَالَ: وَكُنَّا أَرْبَعَةَ رُفَقَاءٍ , فَسِرْنَا عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ حَتَّى جِئْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ , قَالَ: فَاكْتَرَيْنَا بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ وَنَزَلْنَا فِيهِ , فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: §نَحْنُ أَرْبَعَةٌ , خِدْمَةُ الْبَيْتِ وَمَا يُصْلِحُنَا لِمَعَاشِنَا وَإِفْطَارِنَا وَحَوَائِجِنَا كُلَّ يَوْمٍ عَلَى رَجُلٍ مِنَّا , وَالثَّلَاثَةُ يَذْهَبُونَ إِلَى الْمَسْجِدِ , وَيَنْتَشِرُونَ فِي حَوَائِجِهِمْ قَبًّا وَمَقَابِرُ الشُّهَدَاءِ، قَالَ: فَإِنَّا لَيَوْمًا جُلُوسٌ فِي الْبَيْتِ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ آدَمُ عَلَيْهِ قَمِيصٌ جَدِيدٌ وَفِي رِجْلِهِ خُفٌّ , وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ , وَمَعَهُ مِزْوَدٌ يَحْمِلُهُ , فَدَخَلَ إِلَيْنَا وَسَلَّمَ وَقَالَ: أَيْنَ إِبْرَاهِيمُ؟ قُلْنَا: هَذَا مَنْزِلُهُ , وَقَدْ ذَهَبَ فِي حَاجَةٍ , قَالَ: فَمَضَى , وَلَمْ يُكَلِّمْنَا , قَالَ: فَرَجَعَ إِبْرَاهِيمُ وَالرَّجُلُ مَعَهُ وَالْمِزْوَدُ عَلَى عُنُقِهِ , قَالَ: فَكَانَ مَعَنَا فِي الْبَيْتِ أَيَّامًا فَإِذَا حَضَرَ غَدَاءٌ أَوْ عَشَاءٌ تَنَحَّى الرَّجُلُ نَاحِيَةً وَخَلَا بِمِزْوَدِهِ , قَالَ: وَأَقْبَلْنَا نَحْنُ عَلَى غَدَائِنَا أَوْ عَشَائِنَا وَإِبْرَاهِيمُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لَا يَدْعُوهُ وَلَا يَسْأَلُهُ أَنْ يَأْكُلَ مَعَنَا , فَقَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ: إِنِّي أُرِيدُ الْخُرُوجَ , قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: فَمَتَى عَزَمْتَ؟ قَالَ: اللَّيْلَةَ , قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ فَذَهَبَ وَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ مَعَهُ , قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَهُ قِصَّةٌ , إِبْرَاهِيمُ لَا يَدْعُوهُ وَلَا يَأْكُلُ مَعَنَا , وَهُوَ مُقْبِلٌ عَلَى هَذَا الْمِزْوَدِ , وَاللهِ لَأَفْتَحَنَّهُ فَأَنْظُرَ أَيَّ شَيْءٍ فِيهِ , فَفَتَحْتُهُ , فَإِذَا فِيهِ عِظَامٌ , قَالَ: فَشَدَّهُ , وَجَاءَ الرَّجُلُ فَأَخَذَ الْمِزْوَدَ وَأَنْكَرَ رِبَاطَهُ , قَالَ: فَنَظَرَ فِي وُجُوهِنَا وَمَضَى , فَلَمَّا أَنْ ذَهَبَ قَالَ بَعْضُنَا لِإِبْرَاهِيمَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ , هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ عِنْدَنَا مَا كَانَ أَعْجَبَ أَمَرَهُ ‍‍ مَا كَانَ يَأْكُلُ مَعَنَا , وَمَا كُنْتَ تَدَعُوهُ , وَلَقَدْ ذَهَبَ فُلَانٌ فَنَظَرَ فِي مِزْوَدِهِ فَإِذَا فِيهِ عِظَامٌ , قَالَ: فَتَغَيَّرَ وَجْهُ إِبْرَاهِيمَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ وَقَالَ: مَا أَحْسِبُكَ تَصْحَبُنِي فِي سَفَرٍ بَعْدَ هَذَا , لِمَ نَظَرْتَ فِي مِزْوَدِهِ؟ ذَاكَ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ , وَأَخَانَا فِي اللهِ , فَلَيْسَ مِنْ بَلَدٍ أَدْخُلُهُ إِلَّا جَاءَنَا فَكَانَ مَعِي -[395]- فِيهِ يُؤْنِسُنِي وَيُعِينُنِي ثُمَّ يَنْصَرِفُ , قَالَ: فَمَاتَ الرَّجُلُ الَّذِي نَظَرَ فِي مِزْوَدِهِ بِالْمَدِينَةِ "

الصفحة 394