كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 7)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا الْمُنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ , ثنا زَيْدُ بْنُ أَبِي خِدَاشٍ، قَالَ: لَقِيَ سُفْيَانُ شَرِيكًا بَعْدَمَا وَلِيَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ , فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللهِ §بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالْفِقْهِ وَالْخَيْرِ تَلِي الْقَضَاءَ وَصِرْتَ قَاضِيًا؟» فَقَالَ لَهُ شَرِيكٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ , لَابُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ قَاضٍ " فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ لَابُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ شُرْطِيٍّ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ، ثنا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا مُبَارَكٌ أَبُو حَمَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ السَّلِيمِيِّ: " §إِيَّاكَ وَمَا يُفْسِدُ عَلَيْكَ عَمَلَكَ وَقَلْبَكَ , فَإِنَّمَا يُفْسِدُ عَلَيْكَ قَلْبَكَ مُجَالَسَةُ أَهْلِ الدُّنْيَا , وَأَهْلِ الْحِرْصِ , وَإِخْوَانِ الشَّيَاطِينِ الَّذِينَ ينْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللهِ , وَإِيَّاكَ وَمَا يُفْسِدُ عَلَيْكَ دِينَكَ , فَإِنَّمَا يُفْسِدُ عَلَيْكَ دِينَكَ مُجَالَسَةُ ذَوِي الْأَلْسُنِ الْمُكْثِرِينَ لِلْكَلَامِ , وَإِيَّاكَ وَمَا يُفْسِدُ عَلَيْكَ مَعِيشَتَكَ , فَإِنَّمَا يُفْسِدُ عَلَيْكَ مَعِيشَتَكَ أَهْلُ الْحِرْصِ وَأَهْلُ الشَّهَوَاتِ , إِيَّاكَ وَمُجَالَسَةَ أَهْلِ الْجَفَاءِ , وَلَا تَصْحَبْ إِلَّا مُؤْمِنًا , وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ , وَلَا تَصْحَبِ الْفَاجِرَ , وَلَا تُجَالِسْهُ , وَلَا تُجَالِسْ مَنْ يُجَالِسهُ , وَلَا تُؤَاكِلْهُ , وَلَا تُؤَاكِلْ مَنْ يُؤَاكِلُهُ , وَلَا تُحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ , وَلَا تُفْشِ إِلَيْهِ سِرَّكَ , وَلَا تَبَسَّمْ فِي وَجْهِهِ , وَلَا تُوسِعْ لَهُ فِي مَجْلِسِكَ , فَإِنْ فَعَلْتَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ قَطَعْتَ عُرَى الْإِسْلَامِ , وَإِيَّاكَ وَأَبْوَابَ السُّلْطَانِ , وَأَبْوَابَ مَنْ يَأْتِي أَبْوَابَهُمْ وَأَبْوَابَ مَنْ يَهْوَى هَوَاهُمْ , فَإِنَّ فِتَنَهُمْ مِثْلُ فِتَنِ الدَّجَّالِ , فَإِنْ جَاءَكَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَانْظُرْ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ مُكْفَهِرٍّ , وَلَا تُبَالِ مِنْهُمْ شَيْئًا فَيرَوْنَ أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ فَتَكُونَ مِنْ أَعْوَانِهِمْ , فَإِنَّهُمْ -[48]- لَا يُخَالِطُونَ أَحَدًا إِلَّا دَنَّسُوهُ , وَكُنْ مِثْلَ الْأُتْرُجَّةِ طَيِّبَةَ الرِّيحِ , طَيْبَةَ الطَّعْمِ , لَا تُنَازِعْ أَهْلَ الدُّنْيَا فِي دُنْيَاهُمْ تَكُنْ مُحَبَّبًا إِلَى النَّاسِ , وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصِيَةَ فَتَسْتَحِقَّ سَخَطَ اللهِ , وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , جَبَلَ اللهُ تُرْبَتَهُ بِيَدِهِ , وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ , وَأَكْرَمَهُ بِسُجُودِ مَلَائِكَتِهِ , وَأَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ , فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا بِذَنْبٍ وَاحِدٍ , وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُدْخِلُ أَحَدًا الْجَنَّةَ بِالْمَعَاصِي , وَأَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلِيفَةَ اللهِ فِي الْأَرْضِ نَزَلَ مَا نَزَلَ بِهِ بِخَطِيئَةٍ وَاحِدَةٍ , وَلَوْ أَنَّا عَمِلْنَا مِثْلَهَا لَقُلْنَا: لَيْسَتْ بِخَطِيئَةٍ فَاتَّقِ اللهَ يَا أَخِي , وَاجْتَنَبِ الْمَعَاصِي وَأَهْلَهَا , فَإِنَّ أَهْلَ الْمَعَاصِي اسْتَوْجَبُوا مِنَ اللهِ النِّقْمَةَ , وَكُنْ مَبْذُولًا بِمَالِكَ وَنَفْسِكَ لِإِخْوَانِكَ , وَلَا تَغُشَّهُمْ فِي السُّرُورِ وَالْعَلَانِيَةِ , وَابْغَضِ الْجُهَّالَ وَمُجَالَسَتَهُمْ , وَالْفُجَّارَ وَصُحْبَتَهُمْ , فَإِنَّهُ لَا يَنْجُو مَنْ جَاوَرَهُمْ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللهُ , وَإِذَا كُنْتَ مَعَ النَّاسِ فَعَلَيْكَ بِكَثْرَةِ التَّبَسُّمِ وَالْبَشَاشَةِ , وَإِذَا خَلَوْتَ بِنَفْسِكَ فَعَلَيْكَ بِكَثْرَةِ الْبُكَاءِ وَالْهَمِّ وَالْحَزَنِ , فَقَدْ بَلَغَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - أَنَّ أَكْثَرَ مَا يَجِدُ الْمُؤْمِنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي كِتَابِهِ مِنَ الْحَسَنَاتِ الْهَمُّ وَالْحَزَنُ , وَإِيَّاكَ وَخُشُوعَ النِّفَاقِ «وَأَنْ تُظْهِرَ عَلَى وَجْهِكَ خُشُوعًا لَيْسَ فِي قَلْبِكَ»

الصفحة 47