كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 7)
§أُبَيُّ بْنُ مَالِكٍ رَوَى عَنْهُ، زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى الْحَرَشِيُّ، وَهُوَ مِنْ قَوْمِهِ
§حِذْيَمُ بْنُ حَنِيفَةَ التَّمِيمِيُّ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ، رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم حَدِيثًا فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ
قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ هَانِئِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا الذَّيَّالُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ بْنَ حِذْيَمِ بْنِ حَنِيفَةَ قَالَ: قَالَ حَنِيفَةُ لِابْنِهِ حِذْيَمٍ: اجْمَعْ لِي بَنِيكَ؛ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ فَجَمَعَهُمْ، وَقَالَ: قَدْ جَمَعْتُهُمْ يَا أَبَتَاهُ قَالَ: فَإِنَّ أَوَّلَ مَا أُوصِي بِهِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ الَّتِي كُنَّا نُسَمِّي الْمُطَيَّبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ صَدَقَةً عَلَى يَتِيمِي هَذَا فِي حُجْرَتِهِ قَالَ: وَاسْمُ الْيَتِيمِ ضِرْسُ بْنُ قَطِيفَةَ قَالَ: قَالَ حِذْيَمٌ لِأَبِيهِ حَنِيفَةَ: يَا أَبَتَاهُ، إِنِّي لَأَسْمَعُ بَنِيكَ يَقُولُونَ: إِنَّمَا تَقَرُّ بِهَذَا عَيْنُ أَبِينَا، فَإِذَا مَاتَ اقْتَسَمْنَاهَا، وَقَسَمْنَا لَهُ كَنَصِيبِ بَعْضِنَا قَالَ: أَوَ سَمِعْتَهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ، فَقَالَ: «مَنْ هَؤُلَاءِ الْمُقْبِلُونَ» ؟ -[72]- فَقَالُوا: هَذَا حَنِيفَةُ النَّعَمِ، أَكْثَرُ النَّاسِ بَعِيرًا بِالْبَادِيَةِ. قَالَ: «فَمَنْ هَذَانِ حَوَالَيْهِ» ؟ قَالُوا: أَمَّا الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ فَابْنُهُ حِذْيَمٌ الْأَكْبَرُ، وَلَا نَعْرِفُ الَّذِي عَنْ يَسَارِهِ قَالَ: فَلَمَّا جَاؤُوا النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم، سَلَّمَ حَنِيفَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، ثُمَّ سَلَّمَ حِذْيَمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم: «مَا رَفَعَكَ إِلَيْنَا يَا أَبَا حِذْيَمٍ» ؟ قَالَ: هَذَا رَفَعَنِي وَضَرَبَ فَخْذَ حِذْيَمٍ. فَقَالَ: «أَوَلَيْسَ هَذَا حِذْيَمًا» ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ عَلَيَّ أَلْفُ بَعِيرٍ، وَأَرْبَعُونَ مِنَ الْخَيْلِ سِوَى أَمْوَالِي فِي الْبُيُوتِ، فَخَشِيتُ أَنْ تُفْجِئَنِي الْمَوْتَ أُوَامِرُ اللَّهِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُوصِيَ، فَأَوْصَيْتُ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ مِنَ الَّتِي كُنَّا نُسَمِّي الْمُطَيَّبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ صَدَقَةً عَلَى يَتِيمِي هَذَا فِي حُجْرَتِهِ. قَالَ: فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم حَتَّى جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّمَا §الصَّدَقَةُ خَمْسٌ، فَإِنْ لَا فَعَشْرٌ، فَإِنْ لَا فَخَمْسَ عَشْرَةَ، فَإِنْ لَا فَعِشْرُونَ، فَإِنْ لَا فَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ، فَإِنْ لَا فَثَلَاثُونَ، فَإِن كَثُرَتْ فَأَرْبَعُونَ» قَالَ: فَبَادَرَهُ حَنِيفَةُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِنَّهَا أَرْبَعُونَ مِنَ الَّتِي كُنَّا نُسَمِّي الْمُطَيَّبَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ: فَوَدَّعَهُ حَنِيفَةُ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم: «فَأَيْنَ يَتِيمُكَ يَا أَبَا حِذْيَمٍ» ؟ قَالَ: هُوَ ذَاك النَّائِمُ، وَكَانَ يُشْبِهُ الْمُحْتَلِمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم: «لَعَظُمَتْ هَذِهِ هِرَاوَةُ يَتِيمٍ» قَالَ: ثُمَّ إِنَّ حَنِيفَةَ وَبَنِيهِ قَامُوا إِلَى أَبَاعِرِهِمْ قَالَ: فَقَالَ حِذْيَمٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي بَنِينَ كَثِيرَةً، مِنْهُمْ ذُو لِحَى، وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ. قَالَ حَنْظَلَةُ: وَأَنَا أَصْغَرُهُمْ، فَشَمِّتْ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: «ادْنُ يَا غُلَامُ» فَدَنَا مِنْهُ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: «بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ» قَالَ الذَّيَّالُ: فَرَأَيْتُ حَنْظَلَةَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْوَارِمِ وَجْهُهُ، وَبِالشَّاةِ الْوَارِمِ ضَرْعُهَا، فَيَتْفُلُ فِي كَفِّهِ، ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَى صُلْعَتِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ عَلَى أَثَرِ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَمْسَحُ الْوَرَمَ فَيَذْهَبُ
الصفحة 71