كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 7)
§سَلَمَةُ الْجَرْمِيُّ، وَهُوَ أَبُو عَمْرِو بْنُ سَلَمَةَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ الْغَرِقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرُ بْنُ حَبِيبٍ الْجَرْمِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ يُصَلِّي بِنَا، أَوْ يُصَلِّي لَنَا؟ فَقَالَ: «يُصَلِّي بِكُمْ أَوْ §يُصَلِّي لَكُمْ أَكْثَرُكُمْ أَخْذًا أَوْ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ» قَالَ عَمْرٌو: فَكَانَ أَبِي يُصَلِّي بِهِمْ فِي مَسْجِدِهِمْ، وَعَلَى جَنَائِزِهِمْ، لَا يُنَازِعُهُ أَحَدٌ حَتَّى مَاتَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَاهُ وَنَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ وَفَدُوا إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم حِينَ أَسْلَمَ النَّاسُ، وَتَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ، فَقَضَوْا حَوَائِجَهُمْ، وَقَالُوا لَهُ: مَنْ يُصَلِّي بِنَا، أَوْ لَنَا؟ قَالَ: «§يُصَلِّي بِكُمْ أَكْثَرُكُمْ جَمْعًا، أَوْ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ» قَالَ: فَجَاءُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، فَسَأَلُوهُمْ، فَلَمْ يَجِدُوا فِيهِمْ أَحَدًا أَخَذَ، أَوْ جَمَعَ مِنَ الْقُرْآنِ أَكْثَرَ مِمَّا جَمَعْتُ أَوْ أَخَذْتُ، قَالَ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ عَلَيَّ شَمْلَةٌ، فَقَدَّمُونِي، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ، فَمَا شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إِلَّا وَأَنَا إِمَامُهُمْ إِلَى يَوْمِي هَذَا، قَالَ مِسْعَرٌ: وَكَانَ يُصَلِّي عَلَى جَنَائِزِهِمْ، وَيَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِهِمْ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ أَبُو يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ قَالَ: كُنَّا بِحَضْرَةِ مَاءٍ مَمَرِّ النَّاسِ. قَالَ: وَكُنَّا نَسْأَلُهُمْ مَا هَذَا الْأَمْرُ، فَيَقُولُونَ: رَجُلٌ زَعَمَ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَأَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ، وَأَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ كَذَا وَكَذَا. فَجَعَلْتُ لَا أَسْمَعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا حَفِظْتُهُ، كَأَنَّمَا تَغَرَّى فِي صَدْرِي، حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ قُرْآنًا كَثِيرًا. قَالَ: وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلَامِهَا الْفَتْحَ، يَقُولُونَ: انْظُرُوا، فَإِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ صَادِقٌ، وَهُوَ نَبِيٌّ قَالَ: فَلَمَّا جَاءَتْنَا وَقْعَةُ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ قَالَ -[90]-: فَانْطَلَقَ أَبِي بِإِسْلَامِ حِوَائِنَا ذَلِكَ. قَالَ: فَأَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمَ قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ، فَلَمَّا دَنَا تَلَقَّيْنَاهُ، فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم حَقًّا ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ يَأْمُرُكُمْ بِكَذَا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ كَذَا وَكَذَا، وَأَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، §فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» قَالَ: فَنَظَرَ أَهْلُ حِوَائِنَا، فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا أَكْثَرَ مِنِّي قُرْآنًا؛ لِلَّذِي كُنْتُ أَحْفَظُهُ مِنَ الرُّكْبَانِ قَالَ: فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَكُنْت أُصَلِّي بِهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتِّ سِنِينَ، قَالَ: وَكَانَ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إِذَا جَلَسْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ: أَلَا تُغَطَّونَ عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ؟ قَالَ: فَكَسَوْنِي قَمِيصًا مِنْ مَعْقِدِ الْبَحْرَيْنِ. قَالَ: فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ أَشَدَّ مِنْ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ
الصفحة 89