كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

خيراً، فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قلت: سَلِمة بكسر اللام، وعِطْفاه: جانباه، وهي إشارة إلى إعجابه بنفسه.
وروينا في سنن أبي داود عن جابر بن عبد الله وأبي طلحة رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما مِنِ امْرِئٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بذلك فيهما وهذا المقام مما لم ينتبه له أحد من الناظرين في الكتاب والله الموفق للصواب والعجب العجاب من الفاضل الطيبي كيف لم ينبه عليه فلقد كان في غاية التصفح لكتب الحديث والتفحص عن القصص والتواريخ اهـ. وقد نبه الحافظ العسقلاني في تخريجه على أن هذا الوهم من صاحب الكشاف. قوله: (فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم-) أي عن شأنه ووجه مناسبته لمقصود الترجمة أن معاذاً رد عن كعب ما نسب إليه من الزهو والإعجاب وأنه ما علم عليه إلا خيراً وهو يستلزم عدم الإعجاب إذ هو من الشر بل رأس الشر وفي الحديث ثلاث منجيات وثلاث مهلكات إلى أن قال في المهلكات وإعجاب المرء برأيه وهي أشدهن فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- على رده عن كعب رضاً به وتحريضاً على سلوك ذلك.
قوله: (وروينا في سنن أبي داود الخ) وأخرجه ابن أبي الدنيا وغيره كما في الترغيب للمنذري قال واختلف في إسناده اهـ. وكذا أخرجه أحمد والضياء عن جابر وأبي طلحة أيضاً كما في الجامع الصغير وقد جاء بمعنى خبره شاهد من حديث أنس قال قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من حمى عرض أخيه في الدنيا بعث الله عزّ وجلّ ملكاً يوم القيامة يحميه عن النار" رواه ابن أبي الدنيا عن شيخ من أهل البصرة ولم يسمه عنه قال المنذري وأظن أن هذا الشيخ أبان بن أبي عياش فقد جاء مسمى في رواية غيره وهو متروك اهـ. وبمعنى الأولى شاهد من حديث أنس أيضاً قال -صلى الله عليه وسلم-: "من اغتيب عنده أخوه المسلم فلم ينصره وهو يستطيع نصره أدركه إثمه في الدنيا والآخرة" رواه أبو الشيخ في كتاب التوبيخ والأصبهاني أطول منه وهو بمعنى حديث الباب ولفظه قال من اغتيب عنده أخوه فاستطاع نصره فنصره نصره الله تبارك وتعالى في الدنيا والآخرة وإن لم ينصره أدركه إثمه في الدنيا والآخرة أورده المنذري في الترغيب. قوله: (وأبي طلحة) زاد في الجامع الصغير ابن سهل وهو زيد بن سهل الأنصاري زوج

الصفحة 19