كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

عنه.
وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن الله تَجاوَزَ لأُمَّتي ما حدَّثت بِه أنْفُسَها ما لَمْ تَتَكَلَّمْ بِه أو تَعْمَلْ".
قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقرُّ. قالوا: وسواء كان ذلك الخاطر غِيبَةً أو كُفْراً أو غيره، فمن خطر له الكفر مجرَّد خطران من غير تعمُّد لتحصيله، ثم صرَفَه في الحال،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أمره ولم يصل لرتبة حديث النفس السابقة فمعفو عنه بالإجماع كما علم مما ذكر آنفاً. قوله: (وهذا) أي العفو عن الخواطر ما لم يعزم عليها أو يتكلم بها (هو المراد لما ثبت في الصحيح) أي في كتب الصحيح وقد رواه الشيخان وأصحاب السنن الأربعة من حديث أبي هريرة ورواه الطبراني في الكبير من حديث عمران بن حصين كما في الجامع الصغير. قوله: (تجاوز لأمتي) كذا رواه في الجامع الصغير لكن في المشكاة عن أمتي قال شارحها ابن حجر لكن في رواية تجاوز لي عن أمتي أي لم يؤاخذهم بذلك لأجلي فله -صلى الله عليه وسلم- علينا المنة التي لا منتهى لأدناها فضلاً عن أقصاها. قوله: (ما حدثت به أنفسها) بالرفع والنصب قال في فتح الإله والنصب هو الأولى لموافقته لحديث آخر يصرح به ولدلالته على العفو ولو مع الاختيار أي كما يؤخذ مما تقدم نقله عنه. قوله: (ما لم تتكلم به) أي بذلك الخاطر (أو تعمل) أي به فحينئذٍ يؤاخذ بما تكلم وعمل وقضية الحديث أنه حينئذٍ يؤاخذ بالهم وما قبله لكن ما مر أنه لا مؤاخذة في الأولين إجماعاً فقوله ما لم الخ لا مفهوم له فيهما وما بعدهما مثلهما كما اقتضاه حديث الصحيحين أيضاً وإن هم بها -أي السيئة- فعملها كتبت سيئة واحدة، وجرى عليه السبكي في موضع لكن أفتى ابن رزين من أئمتنا بأنه متى لم يُنسب أخذ بعزمه لأنه إصرار وجرى عليه السبكي في موضع آخر ورجحه بعضهم وانتصر للأول بأنه يلزم على الثاني أنه يعاقب على المعصية مرتين ويرد بأنه لا يلزم عليه ذلك لأن الهم معصية مستقلة والفعل معصية أخرى مستقلة وفي الحديث دليل لما
عليه الأكثرون أن من حدث نفسه بنحو طلاق وصمم عليه ولم يتلفظ به لا يقع. قوله: (ثم صرفه عنه) أي بأن اشتغل بغيره من ذكر أو نحوه ولم يعقد قلبه

الصفحة 24