كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

عضُّوا علَيهَا بالنَّواجِذِ، وإياكم ومُحدَثاتِ الأمورِ، فإن كُل بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قيد أو شرط فلم يجز التقليد حينئذٍ والمراد بالتقليد الممنوع فيما عدا الأربعة التقليد في الفتيا والقضاء إما لعمل الإنسان في حق نفسه فلا منع فيما صح عنده عمن نقل عنه بشرط علمه بجميع ما يشترطه القائل به وموانعه عنده. قوله: (عضوا عليها بالنواجذ) أمر من عض فلان أخذ شيئاً بالعض وهو السنن والنواجذ بالمعجمة جمع ناجذ آخر الأضراس الذي يدل نباته على الحلم من فوق وأسفل من كل من الجانبين فللإنسان أربع نواجذ وقيل الأنياب، المعنى على كل من القولين عضوا عليها بجميع الفم وهو عبارة عن النهش وهو الأخذ بأطراف الأسنان فو إما مجاز بليغ فيه تشبيه المعقول بالمحسوس أو كناية عن شدة التمسك بالسنة والجد في لزومها كفعل من أمسك الشيء بنواجده وعض عليه لئلا ينزع منه لأن النواجذ ممددة فإذا عضت على شيء نشبت فيه فلا يتخلص وقيل معناه الأمر بالصبر على ما يصيبه من العض في ذات الله عزّ وجلّ كما يفعله المتألم مما أصابه من الألم. قوله: (وإياكم ومحدثات الأمور) منصوبان على التحذير والأصل باعدوا أنفسكم واحذروا محدثات الأمور أي الأخذ بالأمور
المحدثة في الدين واتباع غير سنن الخلفاء الراشدين فإنه بدعة وأن كل بدعة -وهي شرعاً ما أحدث على خلاف أمر الشارع ودليله الخاص أو العام- ضلالة إذ الحق فيما جاء به الشرع فما لا يرجع إليه يكون ضلالة إذ ليس بعد الحق إلا الضلال، وتقدم في الحديث الثاني زيادة بسط في هذا المقام حاصله أن البدعة التي هي ضلالة ما ليس لها أصل في الشرع إنما الحامل عليها مجرد الشهوة أو الإرادة فهذا باطل قطعاً، إما ما لها أصل في الشرع إما يحمل النظير على النظير أو بغير ذلك فإنها حسنة إذ هي سنة الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين والمبتدع ليس مذموماً لمجرد لفظ محدث أو بدعة فإن القرآن باعتبار لفظه وإنزاله وصف بالمحدث أول سورة الأنبياء إنما منشأ الذم ما اقترن به من مخالفته للسنة ودعايته للضلالة والحاصل أن البدعة منقسمة إلى الأحكام الخمسة لأنها إذا عرضت على القواعد الشرعية لم تخل عن واحد من تلك الأحكام فمن البدع الواجبة الاشتغال بالعلوم العربية

الصفحة 375