كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

رويناه في البخاري.
السادس والعشرون: عن جابر رضي الله عنه: "أن رجلاً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أرأيتَ إذا صليتُ المكتوباتِ، وصمتُ رمضانَ، وأحللتُ الحلالَ، وحرَّمتُ الحرام، ولم أزد على ذلك شيئاً أدخل الجنة؟
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نساء الأنصار لم يمنعهم الحياء أن يسألن عن أمر دينهن وفي حديث إن ديننا هذا لا يصلح لمستحي -أي حياء مذموماً- ولا لمتكبر وتقدم في ذلك الباب الكلام على تعريف الحياء وما يتعلق به فراجعه. قوله: (رويناه في البخاري) قال في الجامع الصغير ورواه أحمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي مسعود ورواه أحمد أيضاً من حديث حذيفة وبما تقرر في شرح الحديث علم أن عليه مدار الإسلام وبيانه أن فعل المكلف إما أن يستحيا منه أو لا الأول الحرام والمكروه والثاني الواجب والمندوب والمباح فقد تضمن الأحكام الخمسة ولم يشذ عنه منها شيء. قوله: (أن رجلاً) هو النعمان بن قوقل بفتح القافين. قوله: (صليت المكتوبات) أي الخمس من كتب بمعنى فرض وأوجب. قوله: (وأحللت الحلال الخ) قال المصنف في الأربعين له معنى قوله حرمت الحرام اجتنبته ومعنى أحللت الحلال فعلته معتقداً حله ونظر فيه بعض الشراح قال وأوجه منه قول ابن الصلاح الظاهر أنه قصد به اعتقاد حرمته وأن لا يفعل بخلاف الحلال فإنه يكفي فيه مجرداً اعتقاد كونه حلالاً وإن لم يفعله اهـ. ويوجه بأنا لسنا مكلفين بفعل الحلال من حيث ذاته بل لمصالح تترتب على فعله فلم يكن فعله مشترطاً في دخول الجنة بخلاف الحرام فإنا مكلفون باجتنابه واعتقاد تحريمه لذاته فيهما من غير نظر لما يترتب عليه ولم يذكر من المفروضات الزكاة والحج لعدم فرضهما إذ ذاك أو لكونه لم يخاطب بهما وترك الحرام يشملهما لأن ترك الفريضة من المحرمات. قوله: (أدخل الجنة) همزة الاستفهام فيه مقدرة أي أدخلها ابتداء من غير عقب كما هو ظاهر من السياق والقواعد إذ مطلق دخولها إنما يتوقف على التوحيد فقط كما دلت عليه أحاديث صحيحة وما

الصفحة 379