كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

رُفِعَتِ الأقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ" رويناه في الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وفي رواية غير الترمذي زيادة: "احْفَظِ اللهَ تَجِدْه أمامَكَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الباهرة مانع من الفعل من أصله كمرض أو نسيان أو صرف قلب أو من تأثيره ككسر قوسه وفساد رميه فهذا تقرير وتأكيد لما قبله من الإيمان بالقدر خيره وشره وتوحيده تعالى في لحوق الضرر والنفع على أبلغ برهان وحث على التوكل والاعتماد على الله تعالى في جميع الأمور وعلى شهود أنه تعالى وحده هو المؤثر في الوجود النافع الضار وغيره ليس له شيء من ذلك وعلى الإعراض عن السوى أن من تيقن ذلك لم يشهد الضر والخير إلا من مولاه ولم ينزل حاجته إلا به ونعوذ بالله من اعتقاد نفع أو ضر من يد غيره تعالى فإن ذلك هو عين الشرك الأصغر بل الأكبر كما لا يخفى وقوله كتبه الله لك وكتبه عليك موافق لما مر من قوله -صلى الله عليه وسلم- يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد. قوله: (رفعت الأقلام) أي تركت وتمت كتابة ما كان وما يكون لفراغ الأمر وانبرامه. قوله: (وجفت الصحف) أي التي فيها مقادير الكائنات كاللوح المحفوظ أي فرغ من الأمر وجفت كتابته لأن الصحيفة حال كتابتها لا بد أن تكون رطبة المداد أو بعضه فلم يمكن بعد ذلك أن يكتب فيها تبديل أو نسخ لما كتب من ذلك واستقر لما أنها أمور لا تبدل ولا تغير عما هي عليه فذلك كناية عن تقدم كتابة المقادير كلها والفراغ منها من أمد بعيد وهذا من أحسن الكنايات وأبلغها وقد دل الكتاب والسنة على ذلك فمن علم ذلك وشهده بعين بصيرته هان عليه التوكل على مولاه والإعراض عما سواه فإن قلت هذا الخبر ينافي قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} قلنا: لا لأن المحو والإثبات مما جف به الصحف أيضاً لأن القضاء مبرم ومعلق ذكره الكازروني. قوله: (رويناه في الترمذي) قال بعض المحققين رواه جماعة من طرق عن ابن عباس وجاء أنه -صلى الله عليه وسلم- وصاه بذلك عن علي وأبي سعيد وسهل بن سعد وعبد الله بن جعفر وفي أسانيدها كأنها ضعف قال ابن منده وغيره وأصح الطرق كلها الطريق التي أخرجها الترمذي. قوله: (وفي رواية غير الترمذي) وهو عبد بن حميد في مسنده لكن بإسناد ضعيف

الصفحة 384