كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

تَعَرَّف إلى الله في الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ في الشِّدَةِ، واعْلَمْ أن ما أخْطَأكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ورواه أحمد بإسنادين منقطعين يا غلام أو يا غليم ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن فقلت: بلى فقال: احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة فإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله قد جف القلم بما هو كائن فلو أن الخلق جميعاً كلهم أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله لم يقدروا عليه وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه واعلم أن الصبر على ما تكره خير كثير وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً وهذا أتم من حديث عبد بن حميد الذي ذكره المصنف بقوله وفي رواية غير الترمذي احفظ الله الخ.
قوله: (تعرف إلى الله في الرخاء) أي تحبب إليه سبحانه بلزوم طاعته واجتناب مخالفته لأن المعرفة سبب المحبة، والرخاء اليسر. وقوله: (يعرفك في الشدة) أي يمدك فيها بتفريجها عنك وجعله لك من كل ضيق فرجاً ومن كل هم مخرجاً بواسطة ما سلف منك من ذلك التعرف كما جرى في حديث الثلاثة أصحاب الغار السابق بيانه في باب دعاء الإنسان وتوسله بصالح عمله وقيل يجوز أن يكون على تقدير مضاف أي (تعرف) إلى ملائكة الله في الرخاء بالتزامك الطاعة وإظهار العبادة يعرفك في الشدة بواسطة شفاعتهم عنده في تفريج كربك وغمك ويدل لذلك ما في حديث أن من له دعاء حال الرخاء إذا دعا حال الشدة قالت الملائكة ربنا هذا صوت نعرفه وإذا لم يدع حال الرخاء ودعا حال الشدة قالوا ربنا هذا صوت لم نعرفه اهـ. ونظر فيه بأنه تكلف والحديث بتقدير صحته لا يؤيده فالأولى ما تقرر أولاً.

فائدة
كل من معرفة العبد وربه عامة وخاصة فمعرفة العبد العامة هي الإقرار بوحدانية الله سبحانه وربوبيته والإيمان به والخاصة هي الانقطاع إليه والأنس به والطمأنينة بذكره والحياء منه وشهوده في كل حال، ومعرفته تعالى العامة هي علمه بعباده واطلاعه على ما أسروا وأعلنوا والخاصة هي محبته لعبده وتقريبه إليه وإجابة دعائه (وإنجاؤه) من الشدائد ولا يظفر بهذه الخاصة إلا من تحلى بتلك الخاصة. ثم ذكر عقد هذه الوصية وفريدتها في قوله (واعلم أن ما أخطأك) أي من المقادير فلم

الصفحة 385