كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 7)

وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وأن مَعَ العُسْرِ يُسْراً" هذا حديث عظيم الموقع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وعد الله على ذلك فإنه وعد أن عليه صلوات الله ورحمته وأنه مهتد وروى الترمذي أن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط، وقوله إن النصر مع الصبر أي النصر على أعداء دينه ودنياه إنما يوجد مع الصبر على طاعة مولاه وعن معصيته فهو سبب للنصر قال تعالى: {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} أي بالإعانة وفيه الحث على التوكل على المولى والخروج من الحول والقوى ومن ثم كان الغالب على من انتصر لنفسه عدم النصر والظفر وعلى من صبر ورضي بعلم الله وحكمه تعجيلهما له كما هو المعهود من مزيد كرمه وإحسانه. قوله: (وأن الفرج مع الكرب) أي أن الخروج من الغم يحصل سريعاً وهو الغم الذي يأخذ بالنفس فينبغي لمن نزل به أن يكون صابراً محتسباً راجياً سرعة الفرج مما نزل به حسن الظن بمولاه في جميع أحواله فإنه أرحم به من كل راحم حتى من أبويه وفيه أن المحن من أبواب المنح كما يدل عليه قوله وإن مع العسر يسرا على أن في المحنة تعرفاً للعبد بوصف الجلال كما أن في المنحة تعرفاً بوصف الجمال كما قال من قال: إذا أعطاك أشهد بره وإذا منعك أشهد قهره فهو في كل ذلك مقبل عليك ومتعرف بإحسانه إليك. قوله: (وإن مع العسر يسراً) أي السهولة ومنه اليسار للغنى لأنه تسهل به الأمور ويقال لليد اليسرى لبقائها على اليسر أو لأن الأمور تتسهل بمعاونتها لليمنى والعسر نقيضه قال الجوهري كل ثلاثي أوله مضموم وأوسطه ساكن فمن العرب من يثقله ومنهم من يخففه ووقع في القرآن مكرراً ليعلم أنه لا يوجد إلا معه يسران وقد جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- لن يغلب عسر يسرين وروي ذلك عن جمع من الصحابة ووجهه ما قاله الزمخشري في الكشاف أن يسراً وقع منكراً للتعظيم فيغاير الأول لأن النكرة المعادة غير الأولى والعسر ورد معرفاً فيكون للعهد أو الجنس فهو واحد على التقديرين وقد نظم بعضهم هذا المعنى فقال:
إذا اشتدت بك البلوى ... ففكر في الم نشرح
فعسر بين يسرين ... إذا فكرته تفرح

الصفحة 387